كان الكُسَعيُّ صياداً ماهراً للغزلان ، وكان مشهوراً ببراعته في الصيد ، فلا يكاد يعود خاوياً من رحلات الصيد التي يذهب إليها … وكان الكُسَعيُّ يمتلك قوساً نادراً ومُتميّزاً عن باقي أقواس الصيد ، فكان مُتقَنَ الصُنعِ دقيقاً في الاستجابة للرمي ، خَشبُه عصيٌّ على الكسر ليّنٌ كما يقتضيه الليْنُ ، شديدٌ إذا اقتضت الشِدّةُ ، فوترُه مشدودٌ لا ينقطع ، يدفعُ السهم بدقّةٍ لا تحيد ، وقوّةٍ لا تُرَد ، وسرعةٍ تخطف الأبصار
خرجَ الكُسَعيُّ يوما في رحلةٍ ليليّةٍ للصيد ، وحمل معه قوسه وسهامه ، وعندما وصل إلى مناطق الصيد التي اعتاد العرب على الصيد فيها ، كان الليلُ دامساً والسماء خاويةً من القمرِ ، والنجومُ تحجبها غيومٌ سوداء … ظهرَت الغزلان في المكان الذي يقف فيه الكُسَعي ، وكان يُحدّد مكان الغزال من البريق في عيون الغزال ، فكان الكُسَعيّ يشد وتَرَ قوسه على السهم ويرمي به الغزال ، فينطلق السهم من القوس كالبرْق ويُسمعُ صفيرُه مع الرياح ثمَّ يرتطم بالصخرة قادحاً شراراً من ارتطامه بها، كان الكسعيُّ يستغرب من خيبته في تحقيق الهدف ، فثقته بقوسه كبيرة ، إلّا أنّه كان يعاود الكرّةَ مع غزالٍ آخر ويرميه بتركيزٍ أعلى ودِقّةٍ أحكَم ، وفي كلّ مرّة كان يرى شرار ارتطام السهم بالصخور حتى ضجر الكُسعيّ من ليلته المشؤومة وخيبته المتكرّرةِ ، وتملَّكَهُ الغضب فكَسَرَ قوسه ، وجلس ينتظر الصباح ليعود إلى قبيلته حاملاً خَيبتَه وغضبَه .
وعندما أشرقت الشمس ولاحت خيوط الفجر ، وزالت الظُلمةُ التي تغشى المكان ، اكتشف الكُسَعيُّ أن كلَ سهامه التي أطلقها أصابت الغزلان التي سدَّد عليها واخترقت أجسادها ، ولكن من قوّة انطلاقها كانت رؤوس هذه السهام تخرج من الطرف الثاني للغزال وترتطم بالصخر فيقدح شرارُها ، وهو ما كان يحسبه فشلاً في تحقيق الهدف !!!
نظرَ الكُسعيُّ إلى قوسه نادماً ، وجمعَ أخشابه التي كسرها مع الوتر الذي تدلّى من أطراف الخشب ، ثمّ جمع غزلانه التي اصطادها وفي عينيه دموعُ الندم على تسرّعه في كسر قوسه ، وعلى نفاذ صبره وخطئه الذي ارتكبه في ظلمة الليل !!!!!!!
عاد الكُسَعيُّ إلى قبيلته مكسوراً حزيناً فقوسه من النوادر ويصعب تعويضه ،
وأصبحت قصّتُه مثَلاً بين العرب يقولون فيه : حذارِ أن تندم ندامةَ الكُسَعي.
جزاك الله كل خير
على هذا الموضوع القييم
بارك الله فيكِ وعافاك
سلم لنا طرحكِ المفيد
وسلم لنا ذوقــــك
جزاك الله خيراعظيما
وجعل ماقدمتيه
في ميزان حسناتك.