أراد أن يتحاشى اللقاء بشخص ما لأسباب متعددة ، لكن هذا الشخص أصر على لقائه أو زيارته في البيت ،
فقال : إنه مشغول ولا يمكن أن يقابله ( مع أنه غير مشغول في الحقيقة ) .
وما قال ذلك إلا حرصاً منه على عدم جرح مشاعر ذلك الشخص ، فهل يعد هذا كذباً ؟
الكذب كله مذموم ، وهو من صفات المنافقين
، فإنه يدعو إلى الفجور ، والفجور يدعو إلى النار ،
إلا أنه إذا تعلقت به مصلحة راجحة جاز للمصلحة ،
وربما وجب.
فكل مقصود محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعاً :
فالكذب فيه حرام .
وإن أمكن التوصل إليه بالكذب دون الصدق :
فالكذب فيه مباح إن كان تحصيل ذلك القصد مباحاً ،
وواجب إن كان واجباً .
ثانيا :
يغني عن الكذب استعمال المعاريض والتورية ، وهي :
الكلام المحتمل لمعنيين ،
معنى يفهمه السامع ، ومعنى آخر يريده المتكلم .
فإذا أمكن تحصيل المصلحة أو دفع المفسدة بالمعاريض تعيّن ذلك ،
ولم يجز الكذب .
وإذا لم يمكن : فإن المعاريض والتورية مخرج شرعي مقبول ،
عند الحاجة إليه
والحاصل :
أن تطييب القلب ، وجبر الخاطر ، وإزالة الوحشة من النفوس :
غرض صالح ، مشروع في الجملة ، إن احتاج المتكلم لأجله
أن يستعمل شيئا من التورية والمعاريض : جاز له ،
على أن يقصد بكلامه غرضا صريحا ، يحتمله الكلام ،
حتى لا يقع في الكذب الصريح .
واعتذار الشخص بأنه مشغول :
هو أمر مقبول في الجملة ، بشرط أن يقصد له شغلا خاصا به ،
فكل إنسان لا ينفك من شغل في حياته ،
ولو كان مشغولا براحته ونومه ، أو مصلحة أهله ،
أو صلاة ، أو ذكر ، أو تلاوة قرآن
، أو نحو ذلك من أشغال الناس بأمر الدنيا أو الآخرة . ••
جزاك الله خير الجزاء
وشكراً لطرحك الهادف وإختيارك القيّم
رزقك المــــــــولى الجنـــــــــــــة ونعيمـــــها
وجعلــــــ ما كُتِبَ في مــــــوازين حســــــــــناتك
ورفع الله قدرك في الدنيــا والآخــــرة
وأجـــــــــزل لك العطـــاء