المعجزات العلمية في القرآن
الشيخ صلاح نجيب الدق
الْحَمْدُ لِلَّهِ الذي أكملَ لنا الدين، وأتمَّ علينا نعمته، ورضي لنا الإسلام دينًا، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إلى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا.
القرآن الكريم مملوء بالكثير مِن المعجزات العلمية التي أثبتتها بحوث العلماء في العصر الحديث، وسوف نذكر بعضًا منها:
(1) القلب
قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد: 28].
قال الشيخ محمد راتب النابلسي: القلبُ له في جسمِ الإنسانِ المكانُ الأولُ، وعليه في جميعِ الأمورِ المعولُ، ولا عجبَ فهو القائدُ، والجوارحُ جنودٌ له وخدمٌ، وهو الآمرُ الناهي، والأعضاءُ أتباعٌ له.
القلبُ حقيقةُ الإنسانِ، ومِن عجيبِ أمرِ اللهِ تعالى فيه أنه جَعَلَ ببقاء قلبِ الجسدِ وصحتِه وانتظامِ عمله حياةَ الجسدِ ونشاطَه، وجعلَ بطهارةِ قلبِ النفسِ وسلامته حياةَ الروحِ وازدهارَها.
إنَّ قلبَ الجسدِ من أعجبِ ما خَلَقَ اللهُ، إنه مِضَخَّةٌ مزدوجةٌ تضخُّ الدمَ الذي يحملُ الغذاءَ والوقودَ إلى كلِّ خليةٍ ونسيجٍ وعضوٍ وجهازٍ عن طريقِ شبكةٍ من الأوعيةِ يزيدُ طولُها على مائةٍ وخمسينَ كيلومترًا.
إنه يعملُ منذ الشهرِ الثاني من حياةِ الجنينِ، وحتى يأتيَ الوقتُ فإنه لا يغفلُ، ولا ينسى، ولا يسهو، ولا يقعدُ، ولا يكبُو، ولا يملُّ، ولا يشكُو، بل يعملُ دونَ راحةٍ، ولا مراجعةٍ، ولا صيانةٍ، ولا توجيهٍ.
وهو آلةٌ خارقةٌ! لا يعرفُ التعبُ إليها سبيلًا، تزدادُ قدرتُها أضعافًا كثيرةً، لتواجِهَ الجهدَ الطارئَ، إنها عضلةٌ من أعقدِ العضلاتِ بناءً وعملًا وأداءً، وهي مِن أَمْتنِها وأقواها، تنقبضُ وتنبسطُ ثمانينَ مرةً في الدقيقةِ، ويصلُ النبضُ في الجهدِ الطارئ إلى مائةٍ وثمانينَ، ويضخُّ القلبُ ثمانيةَ آلافِ لترٍ في اليومِ الواحدِ؛ أي: ما يعادلُ ثمانيةَ أمتارٍ مكعبةٍ من الدمِ، ويضخُّ القلبُ من الدمِ في طولِ عُمُرِ الإنسانِ ما يكفي لملءِ مستودعٍ بحجمِ إحدى ناطحاتِ السحابِ في العالَمِ.
وينفردُ القلبُ في استقلالِه عن الجهازِ العصبيِّ، فتأتمِرُ ضرباتُه، وتنتظمُ بإشارةٍ كهربائيةٍ من مركزِ توليدٍ ذاتيٍّ، هي أساسُ تخطيطِه، وتتغذَّى عضلةُ القلبِ بطريقةٍ فريدةٍ! ومِن أعجبِ ما فيه دساماتُه المحكمةُ التي تسمحُ للدمِ بالمرورِ في اتجاهٍ واحدٍ، وهو مبدأٌ ثابتٌ بالمضخّاتِ.
إنَّ القلبَ الذي بينَ جوانحِنا مِن عجائبِ خَلْقِ اللهِ سبحانه وتعالى، وقد عَدَّه العلماءُ أقوى وأمتنَ عضلةٍ في النوعِ البشريِّ، فهذا القلبُ سمَّاهُ العلماءُ مضخةً ماصَّةً، كابسةً، تؤمِّنُ دورانَ الدمِ في الأعضاءِ، منذ أنْ ينبضَ، وأنت في الرحمِ، وحتى الموتِ، لا يكَلُّ، ولا يملُّ، ولا يستريحُ، ولا يتوقَّفُ حتى نهايةِ الحياةِ.
مِن آياتِ اللهِ الباهرةِ أنَّ اللهَ جعلَ لهذا القلبِ كيسًا لصيقًا بهِ هو الشَّغافُ، مغلَّفًا بغشاءٍ آخرَ يُسمَّى التامورَ، هذا الكيسُ يفرزُ مادةً تليِّنُ حركتَه؛ لئلا يحتكَّ بالقلبِ نفسِه، هي في الآلاتِ كالزيتِ تمامًا، أضِفْ إلى ذلك أنَّ القلبَ مغلَّفٌ بغِلافٍ رقيقٍ أملسَ يسمَّى الشَّغافَ، هذا الغشاءُ الرقيقُ الأملسُ مع التامورِ الذي يفرزُ المادةَ المليِّنةَ، خُلِقَ مِن أجلِ أنْ ينعدمَ الاحتكاكُ في حركةِ القلبِ.
إنه قلبٌ يعملُ ولا يرتاحُ، يصبُّ الدم الوريدي الذي أدَّى دورَةً في الأعضاء في الأُذينِ الأيمن، ومنه إلى البُطَينِ الأيمنِ، ومنه إلى الرئتين، وبعد أخْذِ الأُكْسِجين يعودُ إلى الأذينِ الأيسرِ، فالبطينِ الأيسرِ الذي يدفعه عبرَ الشريانِ الأبهرِ إلى أعضاءِ الجسمِ كلِّه، ففي القلبِ أُذَيْنَانِ، وبُطَيْنَانِ يمصَّانِ الدمَ، ويدفعانهِ بلا كَلَلٍ ولا مَلَلٍ.
قدَّر العلماءُ أنه في كلِّ نبضةٍ يندفعُ من القلبِ مجموعةُ سنتيمتراتٍ مكعَّبةٍ، تزيدُ على العشرةِ، في الدقيقةِ الواحدة ثمانون دفعةً؛ أيْ: في الدقيقةِ الواحدة اثنان جالون ونصفٌ مِن الدمِ يضخُّه القلبُ، وقَدَّرَ بعضُهم ما يضخُّه القلبُ في سبعين عامًا بأربعةِ ملايينِ جالون، وهذا شيءٌ عجيبٌ في هذه العضلةِ؛ (موسوعة الإعجاز العلمي ـ محمد راتب النابلسي ـ جـ1 ـ صـ144:140).
قال الشيخ شحاتة محمد صقر: القلب هو الذي يضخ الدم الفاسد (غير الـمُؤَكْسَد) إلى الرئتين، حيث يطرد ثاني أكسيد الكربون، ويتحد الأُكْسِجين بصبغة الدم (الهيموجلوبين)، الموجودة في كرات الدم الحمراء، ثم يعود الدم المنقَّى (المؤكسَد) مِن الرئتين إلى البطين الأيسر، فيضخه عبر الأورطي إلى كل أجزاء الجسم. فإذا ضعفت هذه الدورة، نتيجة لأي مرض يصيب القلب، فإن الأنسجة لا تجد حاجتها من الأُكْسجين، والأُكْسجين يستخدم لإحراق السكريات والدهون؛ لإطلاق الطاقة، ولولاه لتوقفت حركة الخلايا والأنسجة، وأدَّى ذلك إلى موتها وهلاكها، ففساد هذه المضخة الموضوعة في الجانب الأيسر مِن القفص الصدري، يؤدي إلى فساد الجسد كله؛ (الموسوعة الميسرة في الإعجاز العلمي ـ شحاتة محمد صقر ـ جـ9 ـ صـ217).
(2) استحالة علاج مرض البرص
تعريف الْبَرَص: هو مَرَضٌ يُؤدي إلى تغير جِلْد الإنسان.
(وَالْأَبْرَصَ): هو الذي أصابهُ مَرَضُ البَرَص فتغيَّر لونُ جِلده.
يقول الدكتور نبيل هارون: أثبت طب الأمراض الجلدية استحالة علاج مرض البرص؛ لأنه يرتبط بموت ملايين الخلايا التي يستحيل بعثها مِن جديد، وكل ما يفعله الأطباء هو تنشيط ما يتبقى مِن خلايا لتخفيف الأمر لا لشفائه، ومِن هنا ذكرَ اللهُ شفاء البرص في مَعْرِض المعجزات التي أجراها اللهُ تعالى على يد نبيه عيسى عليه السلام وهو دليلٌ بيِّنٌ على صدق القرآن العظيم؛ قال الله تعالى: ﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [المائدة: 110]؛ (كشاف الإعجاز العلمي ـ نبيل هارون ـ صـ 13).
(3) الجلد مركز الإحساس بالآلام
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [النساء:
].
يقول الدكتور بدوي مطر: ثبت في الطب الحديث أن الجلد مركز الإحساس بالألم وغيره، وقد ذَكَرَ اللهُ جَلَّ وَعَلا أن أهل الجحيم حينما تذوب جلودهم وتحترق يَخلق لهم جلودًا أخرى ليحسوا بالعذاب مِن جديد؛ (الدور الأربعة بين الضيق والسعة ـ بدوي مطر ـ جـ5 ـ صـ57).
• كشفَ عِلْمُ التشريح أن كل أعصاب الإحساس موجودة تحت الجلد مباشرةً، فلو احترق الجلد ووصل الكيُّ إلى اللحم، لما كان هناك شعور بالألم؛ لأن الأعصاب التي تشعر بالألم موجودة تحت الجلد فقط، فتجعل الإنسان يشعر بالألم، وتنقله إلى مراكز الجملة العصبية المركزية؛ (النخاع الشوكي، الـْمُخَيخ، المخ). (نماذج من الآيات المشتملة على الإعجاز)
(4) مقدمة رأس الإنسان مصدر اتخاذ القرار
قال الله تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى * كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾ [العلق: 13 - 16].
النَّاصِيَة: هِيَ مُقَدِّمَةُ رأس الإنسان.
يقول الشيخ عبدالدايم الكحيل: بَعْدَ الدراسة التي قام بها فريق مِن الأطباء تبين لهم أن مَرْكَز الكذب عند الإنسان يقع في ناصية الرأس (أي: مقدمة الرأس).
هذه المنطقة مِن الدماغ خلف الجبين تتركز فيها مجموعة مِن الخلايا مهمتها توجيه الإنسان نحو الصواب أو الخطأ. هذا المركز أشبه بالبوصلة في السفينة التي تقوم بتوجيه السفينة بالاتجاه الصحيح أو الخاطئ حسب ظروف العمل.
إن ناصية الإنسان أو مقدمة رأسه تتركز فيها أية عملية كذب؛ لذلك سعى العلماء إلى اختراع جهاز يمكن أن يستقبل الإشارات الواردة مِن هذا الجزء مِن الدماغ، ويعالجها بواسطة الكمبيوتر والبرامج الخاصة، ويحدد نوع هذه الإشارات ومستوى الكذب في حديث الشخص، وقد يكون جهاز كهذا وسيلةً ودليلًا يُقامُ به الحجة على المجرمين كوسيلة جديدة في التحقيق معهم؛ (كنوز الإعجاز العلمي في القرآن ـ عبدالدايم الكحيل ـ صـ36).
ويقول الشيخ عبدالدايم الكحيل: لقد بينت التجارب الحديثة أنه لدى التحكم بالمشاعر والعواطف وأثناء اتخاذ القرارات المهمة، فإن المنطقة الأمامية مِن الدماغ تكون أكثر نشاطًا؛ ومِن هنا استنتج العلماء أن هذه المنطقة مسئولة عن التحكم والسيطرة لدى الإنسان، كما أن هذا القسم مِن الدماغ مسئول أيضًا عن التخطيط لدى الإنسان وإيجاد الحلول والتفكير الإبداعي؛ (الجديد في الإعجاز العلمي في القرآن ـ عبدالدايم الكحيل ـ صـ4).
(5) الأسماك
قال اللهُ تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [النحل: 14].
أشار الله تعالى في هذه الآية الكريمة إلى إنعامه على الناس بغذاء السمك، ودعانا إلى استخراجه مِن مياه البحار التي تغطي واحدًا وسبعين في المائة مِن سطح الأرض، وتُعتبر الأسماك هي أوفر مصادر اللحوم على الإطلاق.
لقد أثبتَ العِلْمُ الحديثُ أن لـحم السمك يَفضلُ سائر اللحوم، وهو أخفُّها هضمًا، وبه اليود الـمفيد في تنشيط الغدة الدرقية، وبه البلادونا التي تنفع المصران الغليظ، ويقلل القلق والتقلص الـمعوي، ويُهدِّئ ثوران المعدة وحموضتها، ويفيد مرضى القرحة؛ (كشاف الإعجاز العلمي ـ نبيل هارون ـ صـ39).
(6) تحريم جماع الزوجة أثناء الحيض
قال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: 222].
أضرار دم الحيض:
يقول الدكتور محمد علي البار (رَحِمَهُ اللهُ) متحدثًا عن الأذى الذي في الـمحيض: يُقْذَفُ الغشاء المبطن للرحم بأكمله أثناء الحيض، ويكون الرَّحِم متقرحًا نتيجة لذلك تمامًا كما يكون الجلد مسلوخًا، فهو معرض بسهولة لعدوان البكتيريا الكاسح، ومن المعلوم طبيًّا أن الدم هو خير بيئة لتكاثر الميكروبات ونموها.. وتقل مقاومة الرحم للميكروبات الغازية نتيجة لذلك، ويصبح دخول الميكروبات الموجودة على سطح القضيب يشكل خطرًا داهمًا على الرَّحِم، ومقاومة المهبل لغزو البكتيريا تكون في أدنى مستواها أثناء الحيض؛ إذ يقل إفراز المهبل للحامض الذي يقتل الميكروبات، ويصبح الإفراز أقل حموضة إن لم يكن قلوي التفاعل، كما تقل المواد المطهرة الموجودة بالمهبل أثناء الحيض إلى أدنى مستوى لها. ليس ذلك فحسب ولكن جدار المهبل المكون مِن عِدة طبقات مِن الخلايا يرقُّ أثناء الحيض، ويصبح جداره رقيقًا ومكونًا مِن طبقة رقيقة مِن الخلايا بدلًا مِن الطبقات العديدة التي نراها في أوقات الطُّهْر؛ لهذا فإن إدخال القضيب إلى الفَرْج والمهبل في أثناء الحيض ليس إلا إدخالًا للميكروبات في وقت لا تستطيع فيه أجهزة الدفاع أن تقاوم، كما أن وجود الدم في المهبل والرحم يساعد في نمو تلك الميكروبات وتكاثرها.
ومِن المعلوم أن على جِلد القضيب ميكروبات عديدة، ولكن المواد المطهرة والإفراز الحامض للمهبل تقتلها أثناء الطهر، أما أثناء الحيض فأجهزة الدفاع مشلولة والبيئة الصالحة لتكاثر الميكروبات متوفرة.
ولا يقتصر الأذى على ما ذكرناه مِن نمو الميكروبات في الرحم والمهبل؛ مما يسبب التهاب الرحم والمهبل الذي كثيرًا ما يزمن ويصعب علاجه، ولكن يتعدَّاه إلى أشياء أخرى نوجزها فيما يلي:
(1) تمتد الالتهابات إلى قناتَي الرحم فتسدهما أو تؤثر على شعيراتهما الداخلية التي لها دور كبير في دفع البويضة مِن الـمبيض إلى الرحم؛ وذلك يؤدي إلى العُقْم أو إلى الحمل خارج الرحم، وهو أخطر أنواع الحمل على الإطلاق.
(2) يمتد الالتهاب إلى قناة مجرى البول فالمثانة فالحالبَيْنِ فالكُلى. وأمراض الجهاز البولي خطيرة ومزمنة.
(3) تصاحب الحيضَ آلامٌ تختلف في شدتها مِن امرأة إلى أخرى، وأكثر النساء يُصَبْنَ بآلامٍ وأوجاع في أسفل الظهر وأسفل البطن.
(4) تصاب كثير مِن النساء بحالة مِن الضيق أثناء الحيض وخاصة عند بدايته، وتكون المرأة متقلبة المزاج، سريعة الاهتياج، قليلة الاحتمال، كما أن حالتها العقلية والفكرية تكون في أدنى مستوى لها أثناء الحيض.
(5) تصاب بعض النساء بالصداع النصفي قرب بداية الحيض، وتكون الآلام شديدة وتصاحبها زغللة في الرؤية وقيء.
(6) تقل الرغبة الجنسية لدى المرأة وخاصة عند بداية الحيض.
(7) رغم أن الحيض عملية فسيولوجية (طبيعية) بحتة فإن استمرار فقدان الدم كل شهر يسبب نوعًا مِن فقر الدم لدى المرأة، وخاصة إذا كان الحيض شديدًا وغزيرًا في كميته.
(8) تنخفض درجة حرارة المرأة أثناء الحيض بدرجة مئوية كاملة.
(9) تزداد شراسة الميكروبات في دم الحيض وخاصة ميكروب السيلان.
(10) تُصَابُ الغدد الصماء بالتغير أثناء الحيض، فتقل إفرازاتها الحيوية المهمة للجسم إلى أدنى مستوى لها أثناء الحيض.
(11) نتيجة للعوامل السابقة تنخفض درجة حرارة الجسم، ويبطؤ النبض، وينخفض ضغط الدم؛ فيسبب الشعور بالدوخة والفتور والكسل.
(12) الجماع في الحيض لا يمكن مطلقًا أن ينتج حملًا؛ ذلك لأن خروج البويضة لا يُمكن أن يتم أثناء الحيض.
(13) لا يقتصر الأذى على الحائض في وطئها؛ وإنما ينتقل الأذى إلى الرجل الذي وطئها أيضًا؛ فإدخال القضيب إلى المهبل الـمملوء بالدماء يُؤدي إلى تكاثر الميكروبات والتهاب قناة مـجرى البول لدى الرجل، وتنمو الميكروبات السبحية والعنقودية على وجه الخصوص في مثل هذه البيئة الدموية.
(14) تنتقل الميكروبات مِن قناة مجرى البول إلى البروستاتا والمثانة، والتهاب البروستاتا سرعان ما يزمن؛ لكثرة قنواتها الضيقة الملتفَّة التي نادرًا ما يصلها الدواء بكمية كافية لقتل الميكروبات المختفية في تلافيفها. فإذا ما أزمن التهاب البروستاتا فإن الميكروبات سرعان ما تغزو بقية الجهاز البولي التناسلي، فتنتقل إلى الحالبين ومنهما إلى الكُلى، وقد ينتقل الميكروب مِن البروستاتا إلى الحويصلات المنوية فالحبل المنوي فالبربخ فالخصيتين؛ وقد يسبب ذلك عقمًا نتيجة انسداد قناة المني أو التهاب الخصيتين، كما أن الآلام الشديدة التي يعانيها المريض تفوق ما قد ينتج عن ذلك الالتهاب مِن عُقْم؛ (خلق الإنسان ـ محمد علي البار ـ 107:101).
(7) اتساع الكون
قال اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾ [الذاريات: 47].
يقول الدكتور زغلول النجار: على الرغم مِن تأكيد القرآن الكريم مِن قبل ألف وأربعمائة سَنَة حقيقة توسع الكون بقول الحق سبحانه: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾ فقد بقي الفلكيون إلى مطلع العشرينيات مِن القرن الماضي مُصِرِّين على ثبات الكون وعدم تغيره، وفي السنوات مِن 1914 إلى 1925 م أثبت الفلكي الأمريكي (سليفر) أن معظم الـمجرات التي قام برصدها خارج مَـجرتنا (درب التبانة) أو (سكة التبانة) تتباعد عنا، وبعضها عن بعض بسرعات كبيرة، وفي سَنة 1929 تَمكن (إدوان) مِن تأكيدِ ظاهرةِ توسع الكون، وتوصل إلى الاستنتاج الصحيح وهو أن سرعة تباعد الـمجرات الخارجية عن مجرتِنَا تتناسب تناسبًا طرديًّا مع بعدها عنا، وفي سَنة 1934 اشترك هو وأحد مساعديه في قياس أبعاد وسرعات تـحرك 32 مِن تلك الـمجرات الخارجية بعيدًا عن مجرتنا، وبعضها عن بعض، مِن جانب آخر استطاع علماء كل مِن الفيزياء النظرية والفلكية تأكيد حقيقة توسع الكون بتوظيف القوانين الرياضية في عددٍ مِن الحسابات النظرية؛ (جامعة المدينة العالـمية ـ صـ119) (الموسوعة القرآنية المتخصصة ـ المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمصر ـ جـ14 ـ صـ840) (من آيات الله في السماء والأرض ـ د. حسني حمدان الدسوقي حمامة ـ صـ7) (الإعجاز العلمي بين الحقيقة والوهم ـ أحمد محمد فتحي ـ صـ41) (عجائب المخلوقات وغرائب الكائنات ـ منصور بن محمد الشريدة ـ صـ26).
(8) حفظ الحبوب في سنابلها
قال اللهُ تعالى حكايةً عن يوسف: ﴿قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ [يوسف: 47 - 49].
* قَوْلُهُ: ﴿فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ﴾:
قَالَ شحاتة محمد صقر: هذه الآية الكريمة أفادت أن التخزين بإبقاء الـحبوب في سنابلها هو أحسن التقنيات والأساليب للحفاظ على الحبوب المحفوظة داخل السنابل مِن غير أن ينال منها الزمن، وهناك ملحوظتان عِلْمِيتان في هذه الآية الكريمة:
(1) تحديد مدة صلاحية حبة الزرع في خمس عشرة سنة هي حصيلة سبع سنوات يزرع الناس ويحصدون خلالها دأبًا وتتابعًا وهي سنوات الخصب والعطاء، يليها سبع سنوات شداد عجاف هي سنوات الجفاف، يليها سنة واحدة هي السنة الخامسة عشرة، وفيها يُغاث الناس، وفيها يَعْصِرُونَ مِنَ الفواكه، وقد أفاد البحث العلمي أن مدة 15 سنة هي المدة القصوى لاستمرار الحبوب محافظةً على طاقة النمو والتطور فيها.
يتبع