ما حكم لعاب الكلب ، وما يُصيب من الملابس ، واحتكاك الكلب بالأشياء ؟
الأخ الحبيب في الله و المعلم الكريم سماحة فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن السحيم رضي الله عنكم و رفع قدركم و بارك لنا في علمكم
هناك أخ -أسلم منذ خمس سنوات-لمس جوربه كلب بأنفه فرفض أن يخلع الجورب ليصلي و صمم أن يصلي به و رفض أن يطهره بالتراب و يغسله . و طلب دليل على نجاسة أنف الكلب و جسده بل و حتى لعابه, فلما ذُكر له حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال هذا لأن الطعام و الشراب يدخل في الجوف و ربما كان فيه ما يؤذي الإنسان و الإنسان يستقذره
و قال -هداه الله - أنه لا يطعن في أهل العلم و هو يقدرهم و لكن لقد كان هناك كلاب على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم و لم يأمر الصحابة بتطهير ثيابهم أو غسلها.
فما رأي سماحتكم
اللهم إني أسالك لشيخنا الحبيب فيك من كل خير سألك منه رسول الله صلى الله عليه و سلم و أعوذ بك له من كل شر استعاذك منه رسول الله صلى الله عليه وسلم
اللهم بارك لنا في عمره و وقته و علمه و احفظه من كل سوء و شر
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
الراجح طهارة شَعْر الكلب ، ونجاسة لُعابه إذا ولَغ في الإناء أو لَعقه ، أو شَرِب مِن أناء صغير .
وهذا ما رجّحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
فلو احْتَكّ الإنسان بالكلب أو لامَس الكلب بعض جسده أو بعض ملابسه ، فلا يجب غَسْل البَدَن ولا الملابس .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : أَمَّا مَقَاوِدُ الْخَيْلِ وَرِبَاطُهَا فَطَاهِرٌ بِاتِّفَاقِ الأَئِمَّةِ ؛ لأَنَّ الْخَيْلَ طَاهِرَةٌ بِالاتِّفَاقِ . وَلَكِنَّ الْحَمِيرَ فِيهَا خِلافٌ : هَلْ هِيَ طَاهِرَةٌ أَوْ نَجِسَةٌ ؟ أَوْ مَشْكُوكٌ فِيهَا ؟ وَالصَّحِيحُ الَّذِي لا رَيْبَ فِيهِ أَنَّ شَعْرَهَا طَاهِرٌ ، إذْ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ شَعْرَ الْكَلْبِ طَاهِرٌ ، فَشَعْرُ الْحِمَارِ أَوْلَى .
وَسُئِلَ رحمه الله : عَنْ الْكَلْبِ هَلْ هُوَ طَاهِرٌ أَمْ نَجِسٌ ؟ وَمَا قَوْلُ الْعُلَمَاءِ فِيهِ ؟
فَأَجَابَ :
أَمَّا الْكَلْبُ ، فَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ مَعْرُوفَةٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ نَجِسٌ كُلُّهُ حَتَّى شَعْرهُ ، كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ طَاهِرٌ حَتَّى رِيقُهُ ، كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ .
َالثَّالِثُ : أَنَّ رِيقَهُ نَجِسٌ ، وَأَنَّ شَعْرَهُ طَاهِرٌ ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ ، وَهَذِهِ هِيَ الرِّوَايَةُ الْمَنْصُورَةُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ ، وَهُوَ الرِّوَايَةُ الأُخْرَى عَنْ أَحْمَد ، وَهَذَا أَرْجَحُ الأَقْوَالِ . فَإِذَا أَصَابَ الثَّوْبَ أَوْ الْبَدَنَ رُطُوبَةُ شَعْرِهِ لَمْ يَنْجُسْ بِذَلِكَ .
وقال : وَالْقَوْلُ الرَّاجِحُ هُوَ طَهَارَةُ الشُّعُورِ كُلِّهَا : شَعْرُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَغَيْرُهُمَا بِخِلافِ الرِّيقِ ، وَعَلَى هَذَا فَإِذَا كَانَ شَعْرُ الْكَلْبِ رَطْبًا وَأَصَابَ ثَوْبَ الإِنْسَانِ فَلا شَيْءَ عَلَيْهِ ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ : كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ ، وَذَلِكَ لأَنَّ الأَصْلَ فِي الأَعْيَانِ الطَّهَارَةُ ، فَلا يَجُوزُ تَنْجِيسُ شَيْءٍ وَلا تَحْرِيمُهُ إلاّ بِدَلِيلِ ... وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعًا أُولاهُنَّ بِالتُّرَابِ ، وَفِي الْحَدِيثِ الآخَر : إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ . فَأَحَادِيثُهُ كُلُّهَا لَيْسَ فِيهَا إلاَّ ذِكْرُ الْوُلُوغِ ، لَمْ يَذْكُرْ سَائِرَ الأَجْزَاءِ ، فَتَنْجِيسُهَا إنَّمَا هُوَ بِالْقِيَاسِ .
وقال أيضا : وَكُلُّ حَيَوَانٍ قِيلَ بِنَجَاسَتِهِ ، فَالْكَلامُ فِي شَعْرِهِ وَرِيشِهِ كَالْكَلامِ فِي شَعْرِ الْكَلْبِ ، فَإِذَا قِيلَ: بِنَجَاسَةِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ ، وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ إلاّ الْهِرَّةَ وَمَا دُونَهَا فِي الْخِلْقَةِ - كَمَا هُوَ مَذْهَبُ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ : عُلَمَاءِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَهُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد - فَإِنَّ الْكَلامَ فِي رِيشِ ذَلِكَ وَشَعْرِهِ فِيهِ هَذَا النِّزَاعُ : هَلْ هُوَ نَجِسٌ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد :
إحْدَاهُمَا: أَنَّهُ طَاهِرٌ ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ ، كَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : أَنَّهُ نَجِسٌ ، كَمَا هُوَ اخْتِيَارُ كَثِيرٍ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِ أَحْمَد . وَالْقَوْلُ بِطَهَارَةِ ذَلِكَ هُوَ الصَّوَابُ . كَمَا تَقَدَّمَ .
وَأَيْضًا فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي اقْتِنَاءِ كَلْبِ الصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ وَالْحَرْثِ ، وَلا بُدَّ لِمَنْ اقْتَنَاهُ أَنْ يُصِيبَهُ رُطُوبَةُ شُعُورِهِ ، كَمَا يُصِيبُهُ رُطُوبَةُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، فَالْقَوْلُ بِنَجَاسَةِ شُعُورِهَا وَالْحَالُ هَذِهِ مِنْ الْحَرَجِ الْمَرْفُوعِ عَنْ الأُمَّةِ .
وَسُئِلَ رحمه الله :
عَنْ كَلْبٍ طَلَعَ مِنْ مَاءٍ فَانْتَفَضَ عَلَى شَيْءٍ فَهَلْ يَجِبُ تَسْبِيعُهُ ؟ (غَسْله سبع مرّات)
فَأَجَابَ :
مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَجِبُ تَسْبِيعُهُ . وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لا يَجِبُ تَسْبِيعُهُ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . اهـ .
وسألتُ الشيخ د. سعد الحميِّد – وفقه الله – عما يُصيبه لعاب الكلب مِن لباس أو بدَن ، وهل يُقاس على ما يُصيب الصيد منه ؟
فأفاد : بأن هذا هو الذي يترجّح عنده ، وأنه يُعْفَى ما يُصيبه لعاب الكلب مِن ثوب ونحوه .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
طرح رائع ومفيد
تسلم الايادى المميزه
على كل ما تقدمه لنا
جزاك الله عنا كل خير
وأثابك حسن الدارين
ومتعك برؤية وجهه الكريم
شكرا جميلا لقلبك
ورضا ورضوان من الله تعالى
يعطيك /ـكِ ربى الف عافيه
مجهود اكثر من رائع ومتميز
تقبل /ـلى تحياتى واعجابى لشخصك الكريم