{ ❆اعلانات عشق الليالي ❆ ) ~ | |||||||||
|
|
|||
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
تدبر*معاني*حروف*الجر*في*القرآن*الكريم
قوله تعالى:*﴿*وَآخَرِينَ مِنْهُمْ*﴾
بسم الله، والحمد لله... جاء قوله تعالى: ﴿*وَآخَرِينَ مِنْهُمْ*﴾ في سورة الجمعة في سياق قوله تعالى: ﴿*يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما في السَماواتِ وما في الأرْضِ المَلِكِ القُدُّوسِ العَزِيزِ الحَكِيمِ***هُوَ الَّذِي بَعَثَ في الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِنهم يَتْلُو عَلَيْهِمْ آياتِهِ ويُزَكِّيهِمْ ويُعَلِّمُهُمُ الكِتابَ والحِكْمَةَ وإنْ كانُوا مِن قَبْلُ لَفي ضَلالٍ مُبِينٍ*﴾ [الجمعة: 1، 2]. قال السعدي - رحمه الله تعالى -: (والمراد بالأميين: الذين لا كتاب عندهم، ولا أثر رسالة من العرب وغيرهم، ممن ليسوا من أهل الكتاب، فامتن الله تعالى عليهم، منة عظيمة، أعظم من منته على غيرهم، لأنهم عادمون للعلم والخير، وكانوا في ضلال مبين، فكانوا بعد هذا التعليم والتزكية منه أعلم الخلق – صلى الله عليه وسلم -، بل كانوا أئمة أهل العلم والدين، وأكمل الخلق أخلاقًا، وأحسنهم هديًا وسمتًا، اهتدوا بأنفسهم، وهدوا غيرهم، فصاروا أئمة المهتدين، وهداة المؤمنين، فلله عليهم ببعثه هذا الرسول صلى الله عليه وسلم، أكمل نعمة، وأجل منحة) اهـ. فالمقصود في الآيات هم الصحابة رضوان الله عليهم، ثم قال تعالى: ﴿*وَآخَرِينَ مِنهم لَمّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وهو العَزِيزُ الحَكِيمُ***ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشاءُ واللهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ*﴾ [الجمعة: 3، 4]. وهو صلى الله عليه وسلم وإن كان قد بُعث للناس كافة ولكن المنّة على الأميين أبلغ وآكد فخصهم بالذكر، فهم أسعد الناس ببعثته رضوان الله عليهم، وهم الذين حملوا لواء الدين من بعده لتبليغه للعالمين، فلهم من الشرف ذروته، ومن المكانة والفضل سنامه، وهم المطمح للاقتداء بهم والمطمع للوصول إليهم. ولبركة جهادهم ودعوتهم بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم تأتي عالمية الاستجابة في الآية التالية في قوله تعالى: ﴿*وَآخَرِينَ مِنهم لَمّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وهو العَزِيزُ الحَكِيمُ*﴾. فمن هم*﴿*وَآخَرِينَ مِنهم*﴾؟ وصف الآخر يقتضي مغايرة في وصفٍ نُعت به الأول في الآية السابقة: قال الطبري - رحمه الله تعالى -: (عُنِي بذلك كلّ لاحق لحق بالذين كانوا صحبوا النبيّ صلى الله عليه وسلم في إسلامهم من أيّ الأجناس؛ لأن الله عزّ وجلّ عمّ بقوله: ﴿*وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ*﴾ كلَّ لاحق بهم من آخرين، ولم يخصص منهم نوعًا دون نوع، فكلّ لاحق بهم فهو من الآخرين الذين لم يكونوا في عداد الأوّلين الذين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو عليهم آيات الله ). اهـ. فكل أولئك يشمله لفظ (الآخرين)، لكن يأتي هنا دور*الجر*(من ): حرف الجر(( من )): فبلطف دقيق أشار حرف (من) إلى شرط الاتباع والمشابهة فهم بعض منهم[1]، وإن لم يبلغوا منزلتهم: لو قيل: آخرين غيرهم لما يلحقوا بهم، لأوهم شدة المغايرة وبالتالي صعوبة اللحوق، ولو قيل: آخرين بعدهم لما يلحقوا بهم، لأوهم بعد المسافة وبالتالي مشقة اللحوق، ولكن ﴿*وَآخَرِينَ مِنهم لَمّا يَلْحَقُوا بِهِمْ*﴾ فيها مع معنى التأخر الزمني جمال الاتصال، وروعة التجانس، وقرب اللحوق والمصاحبة*[2]*للصحابة رضوان الله عليهم*[3]، فهو جمع و اجتماع بقدرة العزيز الحكيم ﴿*وَآخَرِينَ مِنهم لَمّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وهو العَزِيزُ الحَكِيمُ*﴾. فهذا هو السبيل ليكون الآخر بعضًا من الأول، الاتباع والمشابهة، قال ابن رجب - رحمه الله تعالى -: (قال الحسن لا تغتر بقولك: المرء مع من أحب، إن من أحب قوما اتبع آثارهم، ولن تلحق الأبرار حتى تتبع آثارهم، وتأخذ بهديهم، وتقتدي بسنتهم، وتمسي وتصبح وأنت على مناهجهم، حريصًا أن تكون منهم، وتسلك سبيلهم، وتأخذ طريقتهم، وإن كنت مقصرًا في العمل. فإن ملاك الأمر أن تكون على استقامة، أما رأيت اليهود والنصارى وأهل الأهواء الردية يحبون أنبياءهم وليسوا معهم لأنهم خالفوهم في القول والعمل وسلكوا غير طريقهم فصار موردهم النار؟ نعوذ بالله من النار. فمن أحب أهل الخير وتشبه بهم جهده فإنه يلحق بهم[4]. ولذلك كان الفضل والنعمة في من يجيئ بعدهم هو محاولة اللحاق بركبهم، ولا يكون ذلك إلا بالسير على منهاجهم من التمسك والاهتداء بعلوم الكتاب والحكمة، أي الصفات التي ذكرت في آية الصحابة قبلها، ولهذا والله أعلم أشير إليهم بالضمير (هم) وقد قيل في الضمير أنه أشهر المعارف*[5]، فالضمير لا يكون إلا لمعروف وهذا الجمع والاجتماع، والجمعة*[6]*أيضا ليس لأمة إلا أمة الإسلام، فالأمم ممن سبقنا انقطع اتصال ما بعده بمن قبله ممن سبقه للإسلام، كما هو الحال باليهود والنصارى، واليهود أشد و لذلك ضرب لهم أسوأ المثل في السورة في الآيات بعدها، قال الله تعالى: ﴿*مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ*﴾ [سورة الجمعة: 5]. فأين يهود اليوم من موسى عليه الصلاة والسلام وأصحابه، وأين نصارى اليوم من عيسى عليه السلام وحواريه، لا ترى إلا الانسلاخ التام،، فأين الشرك والكفر الموسوم به خَلَفهم عن ملة التوحيد دين أنبيائهم، قد انفصل الآخر عن الأول وضل عن سبيله، وكذلك يكون يوم القيامة، وأما هذه الأمة المرحومة التي منَّ الله عليها بفضله، فهم أمة واحدة، إخوة إيمان ودين، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة فقال: (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ)، فلما تذكر عليه الصلاة والسلام الموت وانقطاعه عن الدنيا، ومن سيأتي بعده من أمته قال عليه الصلاة والسلام: (وَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ إِخْوَانَنَا)، فقالوا: يا رسول الله ألسنا بإخوانك؟ قال: (بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي. وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ)، فقالوا: يا رسول الله كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك قال: «أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ فِي خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: (فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ. وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ. فَلَا يُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ، أُنَادِيهِمْ: أَلَا هَلُمَّ أَلَا هَلُمَّ أَلَا هَلُمَّ، فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ: فَسُحْقًا. فَسُحْقًا. فَسُحْقًا)[7]. وهذا يبين أهمية المتابعة والمشابهة للنبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام الأطهار. وهذا المعنى تجده في كتاب الله عز وجل بصور مختلفة، كل صورة تناسب موضعها وسورتها، كقوله تعالى في سورة التوبة: ﴿*وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ*﴾ [التوبة: 100]. فسورة التوبة هي الفاضحة التي فضحت المنافقين، الذين لم يتبعوا النبي صلى الله عليه وسلم فلم يحسنوا العمل وأنّى لهم ذلك؟! وقد ورد عن ابن عباس، وأبي هريرة رضي الله عنهما: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين[8]. وفي سورة الأنفال: ﴿*وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ*﴾ [الأنفال: 75]. ففي سورة القتال عند ذكر غزوة الفرقان، يجيء ذكر ذروة سنام الإسلام، فعَنْ أَبِي ذَرَ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ، أَيّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: (الإِيمَانُ بِالله وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ)[9]. وفي سورة الحشر: ﴿*وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ*﴾ [الحشر: 10]. والدعاء بالمغفرة وبلفظ الأخوة بسبب رباط الإيمان يدل قلوب طاهرة أحبت بصدق فعسى الله عز وجل أن يلحقها بأولها في الحشر. وكذلك هو الأمر في سورة الجمعة حيث أتى حرف (من) ليلحق الآخر بالأول، بعضهم من بعض، فيجمع الشتات، ويؤنس القلوب، ويشكل الأخوة الإيمانية الصادقة، على مر الدهور والعصور، واختلاف الأجناس والأعراق، في يسر ولطف، يليق بضآلة الحرف، وبلاغة وإيجاز يذهب بالألباب. قال الله تعالى: ﴿*ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشاءُ واللهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ*﴾ [الجمعة: 4]. نسأل الله فضله ورحمته، فإنه لا يملكها إلا هو، فاللهم كما هديتنا للإسلام فثبتنا عليه حتى تلحقنا بسلفنا الصالح، السابقين الأولين، فنلقاك معهم وأنت راضِ عنا تحت راية سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام، برحمتك وفضلك يا ذا الجلال والإكرام. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
مواقع النشر (المفضلة) |
تدبر*معاني*حروف*الجر*في*القرآن*الكريم
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
حروف الجر | ناعسة الطرف | ♫. ليالي القسم التعليمي ♫. | 16 | 08-02-2023 01:40 PM |
حروف الجر في الاسبانيه | بْحھَہّ عِشّق | ๑۩۞۩๑{ ليالي اللغـــات }๑۩۞۩๑ | 3 | 03-19-2023 02:33 AM |
حروف الصلة في القرآن الكريم ودورها في الإعجاز البلاغي | انشودة المطر | ♫.ليالي القرأن وعلومة ♫. | 10 | 01-03-2023 08:50 PM |
معاني حروف الجر | بْحھَہّ عِشّق | ♫. ليالي القسم التعليمي ♫. | 7 | 12-28-2022 01:29 AM |
حروف بلا معاني | ادريس | ♫.ليالي اوراق مبعثرة ♫. | 13 | 11-29-2022 11:12 PM |