{ ❆اعلانات عشق الليالي ❆ ) ~ | |||||||||
|
|
|||
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
المعلق قلبه بالمساجد
تحدثنا في الجمعة الماضية عن الشاب الذي نشأ في عبادة ربه، ضمن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، بعد الحديث عن الإمام العادل، فتبينا أهمية التربية على عبادة الله في الشباب، حيث دواعي النزق والطيش، وغلبة الشهوات، وقوة البواعث على اتباع الهوى، وأن من مكنه الله تعالى في شبابه من تجاوز هذه البواعث، ومكنه الله من القبض على دينه، فقد فاز ونجا، وأن مرد ذلك إلى فطنة الآباء والأمهات إلى ضرورة التربية الحسنة، والتنشئة على التدين السليم، واقتفاء الطريق المستقيم.
وأما الصنف الثالث الذي ينجيه الله تعالى من حر يوم القيامة، فهو صاحب القلب المعلق بالمساجد، الذي تهفو نفسه إلى الصلوات الخمس، ويسعد بالمكوث في المسجد ينتظر الصلاة بعد الصلاة، حتى إذا خرج من المسجد لقضاء مآربه، ألفيته ملازما له بقلبه، لائطا به بخاطره، كما تدل عليه رواية الترمذي لحديث السبعة: "وَرَجُلٌ كَانَ قَلْبُهُ مُعَلَّقًا بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ". قال المناوي: "كنى به عن التردد إليه في جميع أوقات الصلاة، فلا يصلي صلاة إلا في المسجد، ولا يخرج منه إلا وهو ينتظر أخرى ليعود فيصليها فيه، فهو ملازم للمسجد بقلبه". قال تعالى: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ [النور: 36 - 37]. وقد يكون هذا التعلق بانتظار الصلاة بعد الصلاة في المسجد، كما في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو الله بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟". قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَى إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ" مسلم. وكان الصحابة الكرام يفعلون ذلك، كما في حديث أبي موسى الأشعري - صلى الله عليه وسلم - قال: صَلَّيْنَا الْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قُلْنَا: لَوْ جَلَسْنَا حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَهُ الْعِشَاءَ. فَجَلَسْنَا، فَخَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ: "مَا زِلْتُمْ هَا هُنَا؟". قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّيْنَا مَعَكَ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ قُلْنَا نَجْلِسُ حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَكَ الْعِشَاءَ. قَالَ: "أَحْسَنْتُمْ أَوْ أَصَبْتُمْ.." مسلم. هؤلاء هم عمار المساجد، الذين ارتقوا إلى مقام مجاورة الرب سبحانه. عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ اللهَ لَيُنادِي يومَ القيامةِ: أين جِيرَانِي؟ أين جِيرَانِي؟ فَتقولُ الملائكةُ: رَبَّنا، ومَنْ يَنبغي أنْ يُجَاوِرَكَ؟ فيقولُ: أين عُمَّارُ المَساجِدِ؟" الصحيحة. وإعمار المساجد دليل على قوة الإيمان، والرغبة في الآخرة. قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾ [التوبة: 18]. وليس ضروريا أن تلتزم المرأة المسجد كالرجال لتصير من المعلقة قلوبهم بالمساجد، بل قد تكسب هذه الصفة بالذهاب إلى المسجد مرة مرة، وبخاصة لسماع المواعظ والدروس والخطب، لكن تكون أغلب صلواتها في بيتها خير وأفضل. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ الْمَسَاجِدَ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ" صحيح سنن أبي داود. ويتصف المعلقة قلوبهم بالمساجد بأمور عديدة، منها: 1- اهتمامهم بالصلاة في جماعة المسلمين، تنفيذا لأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من جهة، وحصدا للثواب العظيم الذي رتبه الشرع على ذلك من جهة ثانية. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صَلاَةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِى سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ، فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لاَ يُخْرِجُهُ إِلاَّ الصَّلاَةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلاَّ رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، فَإِذَا صَلَّى، لَمْ تَزَلِ الْمَلاَئِكَةُ تُصَلِّى عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلاَّهُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ. وَلاَ يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاَةَ" البخاري. ومن بديع البشائر النبوية في ذلك، قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ، فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ، وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى، لاَ يُنْصِبُهُ إِلاَّ إِيَّاهُ (لا يُتْعبُه إلا ذلك)، فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ، وَصَلاَةٌ عَلَى أَثَرِ صَلاَةٍ لاَ لَغْوَ بَيْنَهُمَا، كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ (أعلى الجنة)" صحيح سنن أبي داود. ونتساءل عن نجاح السلف الصالح، وتفوقهم، ورفعة مكانتهم، فقد كانوا يهتمون بصلاتهم، ويؤدونها في جماعتهم، فيحصل لهم من الأجر والبركة ما به تنصلح أحوالهم، وتتحقق أهدافهم. قال سعيد بن المسيب - رحمه الله -: "من حافظ على الصلوات الخمس في جماعة، فقد ملأ البَر والبحر عبادة". وعنه قال: "ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة، وما نظرت في قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنة". وقال - أيضا -: "ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد". وقال ربيعة بن يزيد: "ما أذن المؤذن لصلاة الظهر منذ أربعين سنة إلا وأنا في المسجد، إلا أن أكون مريضًا أو مسافرًا". وقال يحيى بن معين متحدثا عن يحيى بن سعيد: "إنه لم يفته الزوال في المسجد أربعين سنة". ولما أصيب الربيع بن خثيم بالشلل، كان يُهادَى بين رجلين إلى مسجد قومه، وكان أصحابه يقولون له: لقد رخص الله لك، لو صليت في بيتك. فيقول: "إنه كما تقولون، ولكني أستحي أن أسمع منادي الله: حي على الصلاة، حي على الفلاح، فلا أجيبه". والربيع بن خثيم ـ هذا ـ هو الذي قال فيه ابن مسعود - رضي الله عنه -: "لو رآك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأحبك، ولأوسع لك إلى جنبه". ثم يقول: "وبشر المخبتين". هؤلاء هم الذين استحقوا أن يفرح بهم الرحمن، وأن يبش لهم، ويكرمهم، ويقبل عليهم، ويتلقاهم ببره وإحسانه وإنعامه. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَا تَوَطَّنَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ الْمَسَاجِدَ لِلصَّلاَةِ وَالذِّكْرِ، إِلاَّ تَبَشْبَشَ الله لَهُ كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بِغَائِبِهِمْ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ" صحيح سنن ابن ماجة. وحقيقة جلوسهم في المسجد، أنها مجالسة الله عز وجل -كما قال ابن المسيب -. قال ابن رجب: "وإنما كان ملازمة المسجد مكفراً للذنوب لأن فيه مجاهدة للنفس، وكفّاً لها عن أهوائها فإنها لا تميل إلا إلى الانتشار في الأرض لابتغاء الكسب، أو لمجالسة الناس ومحادثتهم، أو للتنزه في الدور الأنيقة، والمساكن الحسنة، ومواطن النّزه ونحو ذلك، فمن حبس نفسه في المساجد على الطاعة فهو مرابط لها في سبيل الله، مخالف لهواها، وذلك من أفضل أنواع الصبر والجهاد". 2- تبكيرهم للصلاة: وكانوا يعلمون عظيم الأجر الذي بشر به شرعنا الحنيف المسارعين إلى المساجد، المبكرين لحضورها. فالمبكر إلى المسجد يضمن الصلاة في الجماعة، التي تفضل على صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة. ويدرك تكبيرة الإحرام مع الإمام، وفيه من الفضل الشيء الكثير. قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ، يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الأُولَى، كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَتَانِ: بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ، وَبَرَاءَةٌ مِنَ النِّفَاقِ" صحيح سنن الترمذي. والمبكر إلى المسجد يدرك الصف الأول، الذي قال فيه - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا" متفق عليه. وعند ابن ماجة يقول - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ". وعند ابن ماجة - أيضا - "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسْتَغْفِرُ لِلصَّفِّ الْمُقَدَّمِ ثَلاَثًا، وَلِلثَّانِي مَرَّةً". والمبكر إلى المسجد يتمكن من الإتيان بالنوافل المشروعة بين الأذان والإقامة، والسنن الرواتب القبلية، ويتمكن من الدعاء بين الأذان والإقامة لأن الدعاء بينهما مستجاب، ويتمكن من الإتيان بأذكار الصباح والمساء عند الفجر وعند العصر أو المغرب. قال وكيع بن الجراح: "كان الأعمش قريبًا من سبعين سنة، لم تفته التكبيرة الأولى". وقال الشيرازي: "إذا أقيمت الصلاة ولم تروني في الصف، فاطلبوني في المقبرة".
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
06-09-2022, 12:40 PM | #2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|