الشيخ سالم بن عبدالنبي بن علي الناكوع أحد أبطال الجهاد ضد المستعمر الإيطالي، شارك في العديد من المعارك ضد جحافل الغزو الإيطالي، كمعركة الشط، والهاني، وأبومليانة، وجنزور، وسواني بنيادم، وجندوبة، والشب، والطابونية، وغيرها.
ولد المجاهد سالم بن عبدالنبي بن علي الناكوع عام 1867 في منطقة القبلة بالزنتان، وهو أحد أولئك الرجال الذين اتصفوا بالشجاعة والحكمة والرأي السديد والذين سطروا تاريخا مشرفا مجيدا خلال الفترة ما بين أواخر العهد التركي والعهد الإيطالي.
تحدث عن هذا المجاهد الكبير الكثير من الكتّاب منهم على سبيل الحصر: الملازم الإيطالي «أريكو بيتر نانى» الذي ذكره في كتابه صحراء طرابلس الغرب: «هو سالم بن عبدالنبي القائد الأعلى للحملة التي أغارت واستولت خدعة على قارة سبها، كان يتصف بحدة الذكاء وبالنشاط الكبير وبسرعة العمل واتخاذ القرارات، وكان دائما في طليعة الصفوف الأمامية أثناء احتدام وطيس القتال، ولم يتوقف عن نشاطه المعادي للحكومة الإيطالية»، بينما ذكره العقيد الإيطالي «بيلاردينللي» في كتابه القبلة: «بالرغم أنه أمي إلا أنه جريء وشجاع وذو طاقة وحيوية هائلة فضلا عن قدرته الفائقة في تنظيم المحلات المقاتلة، وهو دائما على استعداد للكفاح حيثما كان هناك دافع لذلك وكلما سنحت الفرصة للغزو والسطو، وفى العهد التركي كان له نشاط مشبوه في دواخل القطر ظلت تطارده السلطات التركية بدون هوادة، ولكنه استطاع دائما أن يفلت منها رغم المكافأة السخية التي خصصتها تلك السلطات لمن يقبض عليه أو يمكنها من ذلك، واسمه الذي كان مجهولا حتى وقت احتلالنا برز فجأة عند اقتحام قارة سبها في شهر نوفمبر من سنة 1914 الذي كان هو مدبره ومنفذه، ولم يتوقف أبدا عن محاربتنا وانشقاقه عن الحكومة الإيطالية».
أما المجاهد أحمد زارم فذكره في كتابه مذكرات أحمد زارم: «سالم بن عبدالنبي من زعماء الجهاد المخلصين، فهو نظير عبدالعاطي الجرم، بالرغم من أنه رجل أمي ولكنه على جانب من الشجاعة وعلو الهمة، وأن المجال السياسي ليس مجاله وإنما مجاله منازلة العدو في ميادين القتال، وأن اسمه كان يثير حفيظة الإيطاليين، وبقدر ما تأكد لنا مدى إثارة هذا الاسم لحفيظة الأعداء بقدر ما دفعنا عناد الطفولة إلى ترديده، وفي الحقيقة لقد كان اسما على مسمى فعلا إذ إن صاحبه أعطى الكثير»..
والشيخ سالم بن عبدالنبي هو أحد أولئك الرجال المجاهدين الذين لبوا نداء حي على الجهاد ضد الغزاة الطليان، كقائد لمحلة من محلتي مجاهدي قبيلة الزنتان بمنطقة القبلة، حيث ساهمت هذه المحلة في معارك الدفاع عن مدينة طرابلس في بداية الغزو، والشيخ سالم بن عبدالنبي من القادة البارزين في معركة جندوبة الشهيرة التي خاضها المجاهدون من مختلف مناطق الجبل الغربي والقبلة عام 1913، حيث كان برفقته الشيوخ المجاهدون القياديون من أمثال: (سليمان الباروني قائد المعركة، محمد سوف المحمودي، أحمد السني، الشهيد محمد بن عبدالله البوسيفي، وأحمد البدوي الأزهري الزنتاني، محمد بن عمر البوسيفي، وغيرهم).
وفى أواخر سنة 1943 انتقل الشيخ سالم بن عبدالنبي إلى جوار ربه عن عمر يناهز ثمانية وسبعين عاماً تقريباً في بيته بالقرية الغربية التي عاد إليها بعد ثلاث عشرة سنة عاشها في الغربة بعيدا عن وطنه ليبيا، رحل الشيخ بعدما أدى الأمانة على أحسن وجه مدافعًا عن دينه ووطنه وعرضه ضد من تواجد على تراب ليبيا الطاهر بدون وجه حق.