عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 05-06-2021, 08:28 PM

الأمير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Male
اوسمتي
مميزين شهر مارس2024 وسام الفائز الثاني مميزين فبراير وسام المركز الاول 
لوني المفضل White
 عضويتي » 157
 جيت فيذا » Oct 2020
 آخر حضور » اليوم (11:41 AM)
آبدآعاتي » 1,236,308
الاعجابات المتلقاة » 9156
الاعجابات المُرسلة » 361
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » الأمير has a reputation beyond reputeالأمير has a reputation beyond reputeالأمير has a reputation beyond reputeالأمير has a reputation beyond reputeالأمير has a reputation beyond reputeالأمير has a reputation beyond reputeالأمير has a reputation beyond reputeالأمير has a reputation beyond reputeالأمير has a reputation beyond reputeالأمير has a reputation beyond reputeالأمير has a reputation beyond repute
مشروبك  » مشروبك   الادبي
قناتك   » قناتك Windows 2000
ناديك  » اشجع 32سنه
مَزآجِي  »
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي الماضي والحاضر تأثر وتأثير



تطوَّر النقد الأدبي في العصر الحالي تطوُّرًا هائلاً غير مسبوق في عصوره المتقدمة؛ إذ تحقَّق له من المعارف والثقافات والخِبرات المختلفة ما لم يتحقق لنقد أدبي فيما سبق.

وقد يكون هذا أمرًا مسوغًا؛ إذ إن المعارف هي دائمًا في حالة نمو، وهي كذلك في حالة تراكم، وإن كلَّ لاحق يستفيد مما سبقه ويبني عليه.

وقد يبدو البناء الجديد أحيانًا هدمًا لما سلف، أو خروجًا على ما تقدَّم، ولكنه - حتى في هذا الهدم والخروج - يستفيد من الأسس المعرفية التي قام عليها المهدوم، ويتناص معها، إن الهدم ذاته يعني التواصل على نحو من الأنحاء.

وإن النقد الأدبي - منذ عُرِف - متواصلٌ مع معارف كثيرة، ولكنه اليوم - في عصر تدفُّق المعارف من كل حدب وصوب - يقتحم آفاقًا كثيرة متنوعة؛ إنه يستمدُّ من الفلسفة، وعلم النفس، وعلم التاريخ والاجتماع، واللسانيات، والأنثروبولوجيا، وعلم الأساطير، بل هو يستفيد اليوم حتى من العلوم الطبيعية؛ كالرياضيات، والإحصاء، والفيزياء، وغيرها.

لقد ترسَّخت فكرة التداخل بين الأنشطة المعرفية المختلفة، وكسرت الحدود والحواجز الفاصلة بين الأجناس المتنوعة.

ومنذ أن ربطت البنيوية - على سبيل المثال - بين اللغة وبين مختلف الأنشطة والمعارف، ورأت في بنيتها ما يصلح أن يكون مثالاً يمكن تطبيقه على بِنَى هذه المعارف جميعها - بدأ عهدٌ جديد من انفتاح العلوم على بعضها البعض، وانتهى عهد العزلة والقطيعة الذي ترسخ زمنًا من خلال التخصص الدقيق الذي عاشت فيه هذه التخصصات، وكأن كلاًّ منها عالَم مستقل عن الأخرى.

ولقد أصبح للنقد الحديث - وهو ينفتح على ثقافات لا حصر لها، أكسبته الخبرة والعمق - أثرٌ كبير في صياغة النظرة إلى الماضي، وفي إعادة فهمِه وتقويمه، استحكمت العَلاقة بين الماضي والحاضر، واتخذت أبعادًا جديدة، بعضها إيجابي، وبعضها سلبي.

إن النقد الأدبي الحديث يفتح اليوم النص لكي يُقرَأ - في ضوء المعطيات الثقافية الكثيرة - قراءات مختلفة متنوعة لم تكن تخطر في البال، وقد تعسفت كثيرٌ من هذه القراءات، وخبطت في العشوائية، وضيعت كثيرًا من القواعد الضابطة للقراءة المتوازنة المعقولة، فأورث ذلك آراءً كثيرة غير دقيقة في الحُكم على هذا الماضي، بل في فهمه وتقويمه.

وعلى كلٍّ، فإن كلاًّ من الماضي والحاضر يؤثر أحدهما في الآخر، ويترك بصماته فيه، ولا يمكن أن يُفهَم أحدهما إلا في ضوء الآخر ومعطياته وثقافته.

إن تأثيرَ الماضي في الحاضر ليس موطن شك؛ فالماضي يعيش فينا، وهو الذي يشكل شخصيتنا، وإن الإنسان - مهما اجتهد أن يتجرد من ماضيه، أو أن يتبرأ منه - لا يفلح في ذلك أبدًا، وإنه كثيرًا ما يحكم على الحاضر من خلال ثقافة ماضيه، وما ورِثه منه، وما تعوَّد عليه، وكثيرًا ما يقبل أو يرفض كثيرًا أو قليلاً من قِيَمه وأفكاره في ضوء استحضار الماضي وتراثه.

ولكن الحاضر كذلك يؤثر في الماضي، وقد أصبح اليوم - من خلال المعطيات المعرفية الكثيرة التي وفرها - أبعد تأثيرًا في هذا الماضي، وأكثر انسرابًا فيه.

إنه - في ضوء المعطيات القرائية المتنوِّعة التي حملها النقد الحديث - بات يسعى إلى تفكيكِ النصوص، وإعادة صياغتها وتركيبها، بل إعادة فهمها وتفسيرها، وهو من ثَمَّ يُعِيد صورة بناء الماضي أمام أعينِنا، وقد يغير ذلك من أحكامنا عليه، ومن تقبُّلنا أو رفضنا له، ومن هنا تبدو العلاقة الحميمة بين الماضي والحاضر، وامتداد أحدهما في الآخر، على نحو ظاهر أو خفي.




 توقيع : الأمير



















رد مع اقتباس