عشق الليالي - ماذا قال الرسول عن الذئب

ماذا قال الرسول عن الذئب

ما من ثلاثةٍ في قريةِ ولا بَدوٍ لا تقامُ فيهمُ الصلاةُ إلا قد استحوذَ عليْهِمُ الشيطانُ، عليكَ بالجماعةِ فإنَّما يأكلُ الذئبُ منَ الغنمِ القاصيةَ
شرح الحديث
في هذا الحديث الشريف قد استعمل الرسول صلى الله عليه وسلم الذئب كرمز في تمثيل فكرة هامة للصحابة وذلك الأسلوب الفعال في توصيل الفكرة للمتعلم حيث:
بقوله “ما من ثلاثة” يعني ثلاثة رجال مسلمين لأن الصلاة الجماعية واجبة على الرجال المسلمين دون النساء.واختير الرقم الثلاثة ليعبر عن التزام أعلى بالصلاة الجماعية ويؤكد الفقهاء أن الصلاة الجماعية تحصل بثنائي “في قريةِ ولا بَدو” حيث القرية مكان بناء وسكن للبشر أما البدو فهم سكان الصحاري الخالية.
“لا تقامُ فيهمُ الصلاةُ” يعني أنهم لا يؤدون صلاة الجماعة “إلا قد استحوذَ عليْهِمُ الشيطانُ” يشير إلى سيطرة الشيطان والانحراف عن الشريعة ثم يوجه الرسول صلى الله عليه وسلم وصيته بالتمسك بالجماعة في كل الظروف مشددًا على أهمية الوحدة والتماسك بين المسلمين.
“فإنَّما يأكلُ الذئبُ منَ الغنمِ القاصيةَ” يقارن الرسول صلى الله عليه وسلم الشيطان بالذئب الذي ينتظر الغنم المتشردة ليفترسها مما يوضح أهمية البقاء متماسكين ومتجمعين للحفاظ على الإيمان والشريعة.
أحاديث صحيحة عن الذئب
هناك أحاديث أخرى صحيحة عن الذئب ومن ضمنها هذا الحديث:

عن كعب بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما ذِئبانِ جائعانِ أُرْسِلا في غنَمٍ، بأفسدَ لَها من حِرصِ المَرءِ علَى المالِ والشَّرَفِ لدينِهِ”
استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم المثال ليعبر لأمته عن مفهوم مهم وهو ضرورة تثبيت الأفكار في العقول وتوضيحها لتحقيق الفهم الصحيح في هذا السياق بقوله”ما ذِئبانِ جائعانِ أُرْسِلا في غنَمٍ” أي لو كانت هناك ذئبان جائعان متعطشان للصيد والفريسة ولكن تم تركهما في قطيع من الغنم،فإن النتيجة المحتومة هي تدمير القطيع بأكمله نتيجة لشراسة الذئبين وجوعهما.
“بأفسد لها” أي يؤدي ذلك إلى مزيد من الفساد والخراب للقطيع، “لَها من حِرصِ المَرءِ علَى المالِ والشَّرَفِ لدينِهِ” يشير إلى حقيقة أن حرص الإنسان على المال والشرف يمكن أن يؤدي إلى الفساد والتشويه لدينه مثلما يفسد الذئبين القطيع.
ويوضح هذا أن غلبة الأنانية والطمع في المال بغض النظر عن شرعيته قد يؤدي إلى التنحي عن الدين والتخلي عن المبادئ الأخلاقية الصحيحة مما يعرض الشخص للخطر والفساد.
وبهذا يحذر الرسول صلى الله عليه وسلم من السعي المتهور وراء الثروة والشهر ويبين أن الاهتمام بالأمور العابرة يمكن أن يفقد الإنسان توجهه ويضله عن الطريق الصحيح ما يؤدي إلى الفساد والتشويه.
حديث تكلم الذئب عن النبي والشهادة له

في الحديث الصحيح عن أبي سعيد الخدري قال: عدا الذئبُ على شاةٍ فأخذها، فطلبه الراعي فانتزعَها منه فأقعى الذئبُ على ذَنَبِه قال: “ألا تتقِي اللهَ؟ تنزعُ مني رزقًا ساقه اللهُ إليَّ”، فقال: “يا عجَبي ذئبٌ مُقعٍ على ذنَبِه يكلِّمُني كلامَ الإنسِ”، فقال الذئبُ: “ألا أخبرُك بأعجبَ من ذلك؟ محمدٌ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بيثربَ يخبرُ الناسَ بأنباءِ ما قد سبق” قال: فأقبل الراعي يسوقُ غنمَه حتى دخل المدينةَ فزواها إلى زاويةٍ من زواياها ثم أتى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فأخبره فأمر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فنُوديَ بالصلاةِ جامعةً ثم خرج فقال للرَّاعي: أخبِرْهم فأخبرَهم؛ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: “صدق والذي نفسي بيدِه لا تقومُ الساعةُ حتى يكلمَ السِّباعُ الإنسَ ويكلِّمُ الرجلُ عذبةَ سوطِه وشِراكَ نعلِه ويُخبرُه فخُذْه بما أحدث أهلُه بعدَه”.
من بين العجزات الثابتة التي أظهر بها الله عز وجل كرمه لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وتأييدًا له وبيانًا لقدرته ودلالة على صدقه ونبوته هي شهادة الذئب له بالنبوة التي ذكرت في الحديث السابق ولا بد من التصديق والاعتراف بها حتى لو اختلفت معها آراء البشر فبالفعل،تكلم الذئب وأدلى بشهادة عن نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم،وحث الناس على الإيمان به آنذاك
وقد ذكرت قصة شهادة الذئب للنبي صلى الله عليه وسلم في روايتين إحداهما من رواية أبي سعيد الخدري والأخرى من رواية أبي هريرة رضي الله عنهما وقد وردت هاتين الروايتين في مسند الإمام أحمد وكذلك ذكرها ابن كثير في كتابه “البداية والنهاية”، والبيهقي في كتابه “دلائل النبوة” وابن حبان في صحيحه والترمذي في سننه والحاكم في مستدركه، وقد صححها الألباني في “السلسلة الصحيحة” مما يؤكد لنا صحة الحديث