إيمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه
من أعظم صفات عمر رضي الله عنه، والتي من أجلها حاز الفضل قوة إيمانه بالله ورسوله، روى البخاري عَنْ أَبِي هريرة، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ». قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبْرُورٌ»[1]. إيمان عمر يشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم: روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَلاَةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: "بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً إِذْ رَكِبَهَا فَضَرَبَهَا، فَقَالَتْ: إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا، إِنَّمَا خُلِقْنَا لِلْحَرْثِ"، فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ بَقَرَةٌ تَكَلَّمُ، فَقَالَ: "فَإِنِّي أُومِنُ بِهَذَا، أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَمَا هُمَا ثَمَّ- وَبَيْنَمَا رَجُلٌ فِي غَنَمِهِ إِذْ عَدَا الذِّئْبُ، فَذَهَبَ مِنْهَا بِشَاةٍ، فَطَلَبَ حَتَّى كَأَنَّهُ اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ هَذَا: اسْتَنْقَذْتَهَا مِنِّي، فَمَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لاَ رَاعِيَ لَهَا غَيْرِي"، فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ ذِئْبٌ يَتَكَلَّمُ، قَالَ: «فَإِنِّي أُومِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَمَا هُمَا ثَمَّ-»[2]. لا راعي لها غيري: أي لن يوجد أحدٌ مع الأسد لخوف الناس منه، فأرعى أنا ما يفضل لي منه، وكأن الذئب يلوم الراعي على تفويت رزقه في الطعام! هذا الموقف حدث في السيرة النبوية مع صحابي! وفي دلائل النبوة لإسماعيل لأصبهاني عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ الله عَنهُ قَالَ بَيْنَا رَاعٍ يَرْعَى بِالْحَرَّةِ إِذِ انْتَهَزَ الذِّئْبُ شَاةً مِنْ شَائِهِ فَحَالَ الرَّاعِي بَيْنَ الشَّاةِ وَبَيْنَ الذِّئْبِ فَأَقْعَى الذِّئْبُ عَلَى ذَنَبِهِ فَقَالَ لِلرَّاعِي أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ تَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ رِزْقٍ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيَّ فَقَالَ الرَّاعِي الْعَجَبُ الْعَجَبُ مِنْ ذِئْبٍ يُقْعَى عَلَى ذَنَبِهِ يَتَكَلَّمُ كَلَامَ الْإِنْسِ فَقَالَ الذِّئْبُ أَلَا أُحَدِّثُكَ بِأَعْجَبَ مِنِّي رَسُولُ اللَّهِ بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ يُحَدِّثُ النَّاسَ بِأَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ فَسَاقَ الرَّاعِي شَاءَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمَدِينَةِ فَزَوَاهَا إِلَى زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهَا ثُمَّ دَخَلَ عَلَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثَهُ بِمَا قَالَ الذِّئْبُ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّاسِ فَقَالَ لِلرَّاعِي «قُمْ، فَحَدِّثْهُمْ بِمَا قَالَ الذِّئْبُ» ، فَقَامَ الرَّاعِي، فَحَدَّثَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَ الرَّاعِي، أَلا إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ كَلامَ السِّبَاعِ الإِنْسَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُكَلِّمَ السِّبَاعُ الإِنْسَ»[3]. والراعي هو سَلَمَةَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْأَكْوَعِ، أو أُهْبَانَ بْنِ أَوْسٍ روى البخاري أيضًا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ عُرِضُوا عَلَيَّ، وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْيَ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ اجْتَرَّهُ»، قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «الدِّينَ»[4]. أو الثُّدِي: جمع الثَدْي، بعض العلماء قال إن اجترار القميص يعني بقاء الخير وراء عهده. علاقة الإيمان بالعمل الصالح: الإيمان بشكل عام يدفع إلى عمل الصالحات، ولهذا يقرن العمل الصالح في القرآن مع الإيمان، مثل قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [البقرة: 25]. إيمان عمر ذو طابع خاص: 1- هذا الإيمان يدفعه إلى المحافظة على العبادات في أشدِّ الظروف: في موطأ مالك أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ دَخَلَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنَ اللَّيْلَةِ الَّتِي طُعِنَ فِيهَا، فَأَيْقَظَ عُمَرَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَقَالَ عُمَرُ: «نَعَمْ. وَلَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ»، فَصَلَّى عُمَرُ، وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا. 2- هذا الإيمان دفعه إلى مراقبة الله في كلِّ أعماله: في تاريخ المدينة لابن شبة: قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِنِّي أَنْزَلْتُ مَالَ اللَّهِ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ مَالِ الْيَتِيمِ، مَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ، وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ» 3- هذا الإيمان القوي يدفعه إلى الوفاء بالعهد مع الله: روى البخاري عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ كَانَ «عَلَيَّ اعْتِكَافُ يَوْمٍ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَفِيَ بِهِ»[5]. 4- هذا الإيمان أيضًا دفعه إلى سرعة الاستجابة إلى أمر الله: روى البخاري: قَالَ نافع: وَأَصَابَ عُمَرُ جَارِيَتَيْنِ مِنْ سَبْيِ حُنَيْنٍ، فَوَضَعَهُمَا فِي بَعْضِ بُيُوتِ مَكَّةَ، قَالَ: «فَمَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَبْيِ حُنَيْنٍ»، فَجَعَلُوا يَسْعَوْنَ فِي السِّكَكِ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، انْظُرْ مَا هَذَا؟ فَقَالَ: «مَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّبْيِ»، قَالَ: اذْهَبْ فَأَرْسِلِ الجَارِيَتَيْنِ[6]. 5- هذا الإيمان يدفعه أيضًا إلى عدم الغرور بعمله: عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: هَلْ تَدْرِي مَا قَالَ أَبِي لِأَبِيكَ؟، فَقُلْتُ: لَا، قَالَ: فَإِنَّ أَبِي قَالَ لِأَبِيكَ: يَا أَبَا مُوسَى، هَلْ يَسُرُّكَ إِسْلَامُنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهِجْرَتُنَا مَعَهُ، وَجِهَادُنَا مَعَهُ، وَعَمَلُنَا كُلُّهُ مَعَهُ يُرَدُّ لَنَا، وَأَنَّ كُلَّ عَمَلٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدَهُ نَجَوْنَا مِنْهُ كَفَافًا رَأسًا بِرَأسٍ؟ فَقَالَ أَبُو مُوسَى: لَا وَاللهِ، قَدْ جَاهَدْنَا بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَصَلَّيْنَا، وَصُمْنَا، وَعَمِلْنَا خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَسْلَمَ عَلَى أَيْدِينَا بَشَرٌ كَثِيرٌ، وَإِنَّا لَنَرْجُو ذَلِكَ، فَقَالَ أَبِي: لَكِنِّي أَنَا وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ، لَوَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ يُرَدُّ لَنَا، وَأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدُ نَجَوْنَا مِنْهُ كَفَافًا رَأسًا بِرَأسٍ، فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ: إِنَّ أَبَاكَ وَاللهِ خَيْرٌ مِنْ أَبِي. هذا الإيمان القوي هو الذي أعطاه القوة الظاهرة في سلوكه[7]. [1] البخاري: كتاب الإيمان، باب من قال إن الإيمان هو العمل (26). [2] البخاري: كتاب الأنبياء، باب { أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم } (3284). [3] إسماعيل الأصبهاني: دلائل النبوة، تحقيق: محمد محمد الحداد، دار طيبة، الرياض، الطبعة الأولى، 1409هـ، ص182. [4] البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب عمر بن الخطاب أبي حفص القرشي العدوي رضي الله عنه (3488). [5] البخاري: كتاب الخمس، باب ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه (2975). [6] البخاري: كتاب الجمعة، باب الطيب للجمعة (3144). [7] لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا: إيمان عمر رضي الله عنه |
جَزآكم آلمولٍى خٍيُرٍ " .. آلجزآء .. " و ألٍبًسِكم لٍبًآسَ " آلتًقُوِىَ "وً " آلغفرآنَ " https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...907ccf7779.gif |
ناعسة الطرف
/* مرروك مشرف فشكراً من القلب لك دمتم بود لاينتهي |
ممتن على ماقدمت
شكرا ل جمـال الانتقاء لا حرمنا الله من إبداعك المُستمر و الله يعطيكِ العافيه تقديري واحترامي لشخصك،، |
يعطيك العافيــة على الطــرح القيــم
جــزاك اللــه خيـر ونفــع بكـ ... |
.
. . . أَسْعَدَ اللهُ أَوََقَاتُكُمْ بِكُلُّ خَيْرٍ.. دَائِمَا تَبْهَرُونَا بَمَوٍآضيعكم الَّتِي تَفُوٍح مِنْهَا عِطْرَ الْإِبْدَاعِ وَالتَّمَيُّزِ ، لَكَم الشُّكْرُ مِنْ كُلُّ قَلْبِيٍّ . http://media.tumblr.com/tumblr_m2t0tlS78c1qbs47q.gif |
سمو الحرف
/* مرروك مشرف فشكراً من القلب لك دمتم بود لاينتهي |
اميرة الشموخ
/* مرروك مشرف فشكراً من القلب لك دمتم بود لاينتهي |
البرنس
/* مرروك مشرف فشكراً من القلب لك دمتم بود لاينتهي |
جزاك الله كل خير
وبارك الله فيك |
الراقية
/* مرروك مشرف فشكراً من القلب لك دمتم بود لاينتهي |
شلآل منهمر من سفوح الأعآلي
سلم الفكر النآبغ وسلم البنان الطارحة ننتظر جديدك بلهفة تقديري |
الاعصار
/* ممتنه للحضور المميز دمت بود |
|
خفوق الروح
/* شكرا للطف مرورك لاعدم من اطلالتك بمتصفحي ..https://www.a7-lil.com/vb/images/smilies/163.png |
|
جزآآآآآك الله خير
وجعله الله في ميزان حسناتك ودي |
تسلم الأياادي
لطيب الجهد وَ تمُيز العطاء لاحرمنا الله روائِع مجهوداتك تقديري |
جزاك الله خيراً وعم بنفعه الجميع
وجعله بميزان حسناتك |
عشق الليالي /* شكرا للطف مرورك لاعدم من اطلالتك بمتصفحي ..https://www.a7-lil.com/vb/images/smilies/163.png |
اتووق اليك /* شكرا للطف مرورك لاعدم من اطلالتك بمتصفحي ..https://www.a7-lil.com/vb/images/smilies/163.png |
اصايل /* شكرا للطف مرورك لاعدم من اطلالتك بمتصفحي ..https://www.a7-lil.com/vb/images/smilies/163.png |
انفاس غاليها /* شكرا للطف مرورك لاعدم من اطلالتك بمتصفحي ..https://www.a7-lil.com/vb/images/smilies/163.png |
الساعة الآن 05:59 PM |
»:: تطويرالكثيري نت :: إستضافة :: تصميم :: دعم فني ::»
Powered by vBulletin® Version 3.8.8