يُستحَبُّ أن يسكُتَ القارئ سكتة لطيفة بعد قراءة ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 7]، ثم يقول: "آمين"، سواء كان في الصلاة أو خارجها، إمامًا كان أو مأمومًا أو منفردًا، في صلاة جهريَّة أو سريَّة، عند جمهور أهل العلم[1].
لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا قال الإمام: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 7]، فقولوا: آمين؛ فإنه مَن وافَقَ قولُه قولَ الملائكة[2]، غُفِر له ما تَقدَّم من ذنبه))[3].
وفي رواية[4]: ((إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا؛ فإنه مَن وافَقَ تأمينُه تأمينَ الإمام، غُفِر له ما تَقدَّمَ من ذنبه)).
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطَبَنا، فقال: ((إذا صلَّيتُم فأَقيموا صفوفَكم، ثم لْيَؤُمَّكم أحدكم، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا قال: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 7]، فقولوا: آمين، يُجِبْكُم الله، فإذا كبَّر وركع فكبِّروا واركعوا؛ فإن الإمام يركع قبلكم، ويرفع قبلكم...))[5].
وعن وائل بن حُجْرٍ رضي الله عنه قال: "صلَّيتُ خلف رسول الله، فلما كبَّر رفع يديه أسفل أذنيه، فلما قرأ: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 7]، قال: ((آمين))، فسمعتُه وأنا خلفه"، وفي رواية: "ومدَّ بها صوته"[6].
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: ﴿ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾، قال: ((آمين))"[7].
وعن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما حسَدَتْكم اليهودُ على شيء ما حسَدَتْكم على السلام والتأمين))[8].
و"آمين" ليست من الفاتحة إجماعًا؛ ولهذا لم تُثبت في المصاحف؛ ولهذا شُرِع أن يسكت قليلًا بعد الفاتحة، ثم يقول: "آمين".
وهي اسم فعل بمعنى: اللهم استَجِبْ.
وفيها لغتان:
"آمين" بمد الألف على وزن "فاعيل"، و"أَمين" بالقصر على وزن "فعيل"، والقصر هو الأصل[9]، وأنشدوا:
تَباعَدَ منِّي فُطحُلٌ إذ دعَوتُه *** أمينَ فزادَ اللهُ ما بينَنا بُعْدَا[10]
وقال الآخر[11]:
يا ربِّ لا تَسْلُبَنِّي حُبَّها أبدًا *** ويَرحَمُ اللهُ عبدًا قال: آمينَا
وقال أبو وجزة مولًى من موالي أهل المدينة يُخاطِبُ عبدَالله بن الزبير[12]:
ولا نقولُ إذا يومًا نُعيتَ لنا *** إلا بآمينَ ربَّ الناسِ آمينَا
[1] انظر: "مسائل الإمام أحمد" رواية ابنه عبدالله ص(72)، "الاستذكار" (2/ 197)، "المهذب" (1/ 79)، "المبسوط" (1/ 32)، "الإفصاح" (1/ 128)، "المغني" (1/ 160 -161)، "تفسير ابن كثير" (1/ 60 -61).
[2] قيل: موافقة تأمين الملائكة في الإجابة، وقيل: في الزمن، وقيل: في الصفة من إخلاص الدعاء. انظر: "الاستذكار" (2/ 197).
[3] أخرجه البخاري - في الأذان - باب جهر المأموم بالتأمين (782)، وفي التفسير (4475)، ومسلم في الصلاة - باب التسميع والتحميد والتأمين (410)، والترمذي في الصلاة - ما جاء في فضل التأمين (250)، وابن ماجه - في إقامة الصلاة - باب الجهر بالتأمين (851 -852)، وأحمد (2/
، 459)، ومالك في الموطأ (191).
[4] أخرجها البخاري في الأذان (780).
[5] أخرجه مسلم - في الصلاة - باب التشهد في الصلاة (404)، والنسائي في الإمامة (800)، وابن ماجه في إقامة الصلاة (847).
[6] أخرجه النسائي - في الافتتاح - باب قول المأموم إذا عطس خلف الإمام (893)، والترمذي - في الصلاة - باب ما جاء في التأمين (248)، وقال: "حديث حسن"، وابن ماجه - في إقامة الصلاة - باب الجهر بآمين (696)، وأحمد (4/ 315، 316).
والحديث صحيح، صححه الألباني وغيره.
[7] أخرجه ابن ماجه في الموضع السابق (695)، وصححه الألباني.
[8] أخرجه ابن ماجه في الموضع السابق (697)، وصححه الألباني. وأخرجه الإمام أحمد مطولًا (6/ 135).
[9] انظر: "المدخل لعلم تفسير كتاب الله" ص(100 -104)، "الاستذكار" (2/ 195)، "معالم التنزيل" (1/ 42)، "الكشاف" (1/ 12)، "المغني" (2/ 163)، "تفسير ابن كثير" (1/ 61).
[10] البيت نسبه في "المشوف المعلم" (1/ 79) لجبير بن الأضبط، وقد سأل فطحلًا فأعرض عنه، فدعا عليه.
وهو بغير نسبة في "زاد المسير" (1/ 17)، وفي مادة "أمن" من "الصحاح" و"اللسان" وفي "شرح المفصل" (4/ 34)، "الدر المصون" (1/ 77).
[11] البيت لمجنون ليلى. انظر "ديوانه" ص(238).
[12] انظر: "الزاهر" (1/ 161)، "العقد الفريد" (7/ 167).