بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين الليلة الثامنة في الليلة التالية، وعندما كانت شهرزاد في سريرها، قالت أختها دينارزاد: «رجاءً يا أختاه، اروي لنا قصة أخرى من قصصك الممتعة.» وأضاف الملك: «لتكن قصة تفوق قصة الجني والصياد روعة.» فأجابت شهرزاد: «على الرحب والسعة!» ••• بلغني — أيها الملك السعيد — أن شابًّا يعمل حمالًا عاش في مدينة بغداد، وكان يحمل السلع وينقلها. وفي أحد الأيام، وبينما هو واقف في السوق، متكئًا على سلته، أتت إليه امرأة ترتدي نقابًا من الحرير ووشاحًا أنيقًا ذهبي اللون. وعندما رفعت وجهها، لاحظ الشاب أن لديها عينين جميلتين داكنتي اللون. وقالت له بصوت رقيق: «يا حمَّال، احمل سلتك واتبعني.» أخذ الحمَّال سلته، وأسرع خلفها، وهو يقول: «يا له من حظ حسن! يا له من يوم سعيد!» وسارت أمامه حتى وصلت إلى أحد المنازل، وعندما طرقت الباب، خرجت سيدة عجوز وأعطتها إبريقًا ثقيلًا. فوضعت الإبريق في السلة، وقالت: «يا حمَّال، احمل سلتك واتبعني.» فتبعها الحمَّال إلى بائع الفاكهة حيث ابتاعت تفاحًا أحمر وأصفر، وخوخًا، وليمونًا، وبرتقالًا. ووضعت كل ذلك في سلة الحمَّال، وطلبت منه أن يتبعها. ففعل، وهو يصيح: «يا له من حظ حسن! يا له من يوم سعيد!» توقفت بعد ذلك عند الجزار، وطلبت عشرة أرطال من لحم الضأن الطازج، ووضعته في السلة، وقالت: «يا حمَّال، اتبعني.» اندهش الحمَّال من كل الأشياء الرائعة التي كانت تشتريها. ووضع السلة على رأسه، وتبعها إلى البقال والمخبز ومحل بيع الأدوية. ووضعت هي كل سلعها في السلة، واستدارت إلى الحمَّال، وقالت: «احمل سلتك، واتبعني.» حمل الحمَّال السلة، وسار خلفها حتى وصلت إلى منزل كبير ذي أعمدة ضخمة وباب مزدوج مغطى بالعاج والذهب البراق. توقفت المرأة عند الباب، وطرقته برقة. ••• وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. وقالت دينارزاد لأختها: «أختاه، يا لها من قصة غريبة ومذهلة!» فردت شهرزاد: «هذا لا يقارَن بما سأرويه لكما غدًا.» الليلة التاسعة في الليلة التالية، وبينما كانت شهرزاد في سريرها، قالت أختها دينارزاد: «رجاءً يا أختاه، اروي لنا واحدة من قصصك الممتعة.» وأضاف الملك: «لتكن نهاية قصة الحمَّال.» فأجابت شهرزاد: «على الرحب والسعة!» ••• بلغني — أيها الملك السعيد — أن الحمَّال وقف ومعه السلة، فانفتح الباب. ألقى الحمَّال نظرة ليرى من فتح الباب، فرأى امرأة أخرى جميلة ذات جبهة عريضة كالقمر الوليد، وأسنانها بيضاء كصف من اللآلئ. عندما رآها الحمَّال، صاح: «هذا أكثر يوم مبارك شهدته!» ثم قالت المرأة التي فتحت الباب لتلك التي تسوقت: «أختاه، ماذا تنتظرين؟ ادخلي ودعي هذا الرجل المسكين يُنزل سلته.» دخلت المرأة المتسوقة والحمَّال المنزل، وتبعتهما مَن فتحت الباب إلى ردهة كبيرة يتوسطها حوض مياه في منتصفه نافورة، وفي نهايتها ستارة من الحرير الأحمر. فُتحت الستارة، وظهرت من خلفها امرأة أخرى مبهرة وجهها يفوق الشمس إشراقًا. سارت نحوهم وقالت: «لماذا تقفان هكذا؟ لتخففا الحمل عن هذا الرجل المسكين.» ساعدت الشقيقات الثلاث الحمَّال في إنزال السلة وإفراغها، وكدسن كل شيء في أكوام منظمة، وأعطين الحمَّال إكرامية. عندما رأى الحمَّال مدى جمال هؤلاء السيدات وسحرهن، والسلع الكثيرة التي كدسنها حولهن، لم يرغب في الرحيل. سألته إحداهن: «لماذا لم تذهب؟ هل الإكرامية قليلة؟» ثم استدارت إلى أختها وقالت: «أعطيه مزيدًا من المال.» أجاب الحمَّال: «يا إلهي، المال ليس قليلًا، لكنني لاحظت أنه لا يوجد هنا من يسلّيكن. تحتاج المائدة أربعة أرجل، وأنتن ثلاثة، وبالتأكيد تحتجن لشخص رابع معكن.» عندما سمعن ما قاله، أجبن: «مرحبًا بانضمامك إلينا.» ثم أخرجت الشقيقات الثلاث جميع صنوف الطعام والشراب إلى جانب حوض المياه. وظن الحمَّال أنه يحلم. أخذ الحمَّال والسيدات يأكلون ويشربون ويغنون، ثم يأكلون ويشربون ويغنون أكثر. وملأت البهجة نفس الحمَّال، وبدأ يرقص ويمزح، والشقيقات الثلاث يرقصن ويمزحن معه. وقضوا ساعات طوال على هذا الحال، يأكلون ويغنون ويمرحون. ••• وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. وقالت دينارزاد لأختها: «أختاه، يا لها من قصة غريبة ومذهلة!» فردت شهرزاد: «هذا لا يقارَن بما سأرويه لكما غدًا، هذا إن بقيتُ على قيد الحياة. بحث وتقديم ناطق ابراهيم العبيدي