ننتظر تسجيلك هـنـا

{ ❆اعلانات عشق الليالي ❆ ) ~
{ ❆التميز خلال 24 ساعه ❆) ~
 

♥ ☆ ♥ اعلانات عشق الليالي ♥ ☆ ♥

عدد مرات النقر : 1,721
عدد  مرات الظهور : 49,155,911 
عدد مرات النقر : 1,312
عدد  مرات الظهور : 48,233,074 
عدد مرات النقر : 732
عدد  مرات الظهور : 28,488,464 
عدد مرات النقر : 1,578
عدد  مرات الظهور : 28,488,156 
عدد مرات النقر : 1,255
عدد  مرات الظهور : 28,488,023

عدد مرات النقر : 701
عدد  مرات الظهور : 16,478,436 
عدد مرات النقر : 321
عدد  مرات الظهور : 5,052,918 
عدد مرات النقر : 59
عدد  مرات الظهور : 1,218,492 فلاش
عدد مرات النقر : 1,340
عدد  مرات الظهور : 59,305,393 
عدد مرات النقر : 1,621
عدد  مرات الظهور : 60,625,245
عشق الليالي
عدد مرات النقر : 2,227
عدد  مرات الظهور : 60,650,837 مساحة إعلانية 4
♥ ☆ ♥ اعلانات عشق الليالي ♥ ☆ ♥
فعالية كل يوم سؤال ؟
عدد مرات النقر : 8,245
عدد  مرات الظهور : 38,182,463مجلة عشق الليالي العدد الثاني عشر ( 12 ) عدد خاص بـ شهر ذو الحجه
عدد مرات النقر : 8,576
عدد  مرات الظهور : 37,519,401المئويه الثامنه لــ عشق اليالي
عدد مرات النقر : 5,820
عدد  مرات الظهور : 29,807,486عزف الحروف
عدد مرات النقر : 8,547
عدد  مرات الظهور : 60,430,072مركز رفع عشق الليالي
عدد مرات النقر : 23,612
عدد  مرات الظهور : 60,650,864

العودة   عشق الليالي > ๑۩۞۩๑{ القسم الاسلامي }๑۩۞۩๑ > ♫. ليالي الحـج والعمــرة ♫.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-03-2020, 10:51 AM   #11


الصورة الرمزية طيبة

 عضويتي » 7
 جيت فيذا » Apr 2020
 آخر حضور » 07-11-2022 (02:34 AM)
آبدآعاتي » 1,629
الاعجابات المتلقاة » 132
الاعجابات المُرسلة » 286
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » طيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of light
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك
قناتك  » قناتك
ناديك  » اشجع
مَزآجِي  »

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

طيبة غير متواجد حالياً

افتراضي



( 7 ) الصالحون .. والكرم والبذل والعطاء في الحج

- قال سليمان بن الربيع: انطلقت في رهط من نساك أهل البصرة إلى مكة فقلنا: والله لا نرجع حتى نلقى رجلا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يحدثنا بحديث، فلم نزل نسأل حتى حدثنا أن عبد الله بن عمرو نازل في أسفل مكة، فعمدنا إليه، فإذا نحن بثقل عظيم، ويرتحلون ثلاثمائة راحلة؛ منها مائة راحلة، ومائتا زاملة، فقلنا: لمن هذا الثقل؟ فقالوا: لعبد الله بن عمرو، فقلنا: أكل هذا له؟ ! – وكنا نحدث أنه من أشد الناس تواضعا -، فقالوا لنا: أما هذه المائة راحلة فلإخوانه يحملهم عليها، وأما المائتان فلمن نزل عليه من أهل الأمصار ولأضيافه، فعجبنا من ذلك! فقالوا: لا تعجبوا من هذا فإن عبد الله رجل غني، وإنه يرى حقا عليه أن يكثر من الزاد لمن نزل عليه من الناس، فقلنا: دلونا عليه، فقالوا: إنه في المسجد الحرام، قال: فانطلقنا نطلبه حتى وجدناه في دبر الكعبة جالسا بين بردتين وعمامة ليس عليه قميص، قد علق نعليه في شماله....

- وقال مصعب بن ثابت: لقد بلغني – والله – أن حكيم بن حزام حضر يوم عرفة معه مائة رقبة، ومائة بدنة، ومائة بقرة، ومائة شاة، قال: هذا كله لله فأعتق الرقاب، وأمر بذلك.

- وقال خلاد بن عبد الرحمن: سألت سعيد بن جبير: أي الحاج أفضل؟ قال: من أطعم الطعام وكف لسانه. قال الثوري: سمعنا أنه من بر الحج. قلت: ويروى هذا مرفوعا ولا يصح.

- وقال مالك بن أنس: حج سعيد بن المسيب وحج معه ابن حرملة فاشترى سعيد كبشا فضحى به، واشترى ابن حرملة بدنة بستة دنانير فنحرها، فقال له سعيد: أما كان لك فينا أسوة؟ فقال: إني سمعت الله يقول: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ) [الحج: 36]
فأحببت أن آخذ الخير من حيث دلني الله عليه، فأعجب ذلك ابن المسيب منه، وجعل يحدث بها عنه.

- قال سفيان بن عيينة: حج صفوان بن سليم ومعه سبعة دنانير فاشترى بها بدنة، فقيل له: ليس معك إلا سبعة دنانير تشتري بها بدنة! قال: إني سمعت الله عز وجل يقول: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ) [الحج: 36].

- وقال إبراهيم النخعي: كان علقمة والأسود يحجان مع عبد الله بن الحارث أخي الأشتر فكان يكفيهم نفقتهم.

- وقال محمد بن سيرين: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يحج بعضهم ببعض فيجزي ذلك عنهم.

- قال علي بن الحسن بن شقيق: كان عبد الله بن المبارك إذا كان وقت الحج اجتمع إليه إخوانه من أهل مرو فيقولون: نصحبك يا أبا عبد الرحمن، فيقول لهم: هاتوا نفقاتكم، فيأخذ نفقاتهم فيجعلها في صندوق ويقفل عليها، ثم يكتري لهم ويخرجهم من مرو إلى بغداد، ولا يزال ينفق عليهم ويطعمهم أطيب الطعام وأطيب الحلواء، ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زي وأكمل مروءة، حتى يصلوا إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا صاروا إلى المدينة قال لكل رجل منهم: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طرفها؟ فيقول: كذا، ثم يخرجهم إلى مكة فإذا وصلوا إلى مكة وقضوا حجهم قال لكل واحد منهم: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيقول: كذا وكذا فيشتري لهم، ثم يخرجهم من مكة فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو، فإذا صاروا إلى مرو جصص أبوابهم ودورهم، فإذا كان بعد ثلاثة أيام صنع لهم وليمة وكساهم فإذا أكلوا وشربوا دعا بالصندوق ففتحه، ودفع إلى كل رجل منهم صُرة بعد أن كتب عليها اسمه.

- وقال عبد الرحمن بن عمر: كان عبد الرحمن بن مهدي يحج كل سنة وسمعته يقول: ما أحب أن يخلو مني الموسم - قال عبد الرحمن بن عمر: وظننت أنه كان يجهز ويعطي في الحج -.

- وقال عمرو بن قيس: حج خيثمة بن عبد الرحمن مع نفر من أصحابه فلما كانت ليلة جمع سمع رجلا يحدث رجلا أن رجلا جعفيا ذهبت نفقته وضلت راحلته فأتاه خيثمة فقال له: هل عرفت رحل هذا الرجل الذي أصيب وأين نزل منا؟ قال: نعم، موضع كذا وكذا، فأخبره بموضعه، فلما كان بعد الظهر من يوم النحر أتى الموضع فسأل عن الرجل فإذا هو برجل لا يعرفه، فسأل عما أصيب فأخبره فدفع إليه صرة كانت فيها ثلاثون دينارا وأثوابا كانت معه، فقال: تجهز بها إلى أهلك.

- قال إبراهيم الهروي: حج سعيد الجوهري فجعل معه أربعمائة رجل من الزوار سوى حشمه يحج بهم، وكان فيهم إسماعيل بن عياش، وهشيم بن بشير وكنت أنا معهم في إمارة هارون الرشيد.

التعليق: الكرم والبذل والعطاء والجود من الصفات المحمودة ولذا يوصف الله تعالى بالجود

ففي الحديث الذي أخرجه الترمذي والبزار وغيرهما عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله جواد يحب الجود» والحديث وإن كان في إسناده مقال لكن له شواهد تقويه.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس ففي «الصحيحين» عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأشجع الناس وأجود الناس.
وجوده صلى الله عليه وسلم يتضاعف في الأزمنة والأمكنة الفاضلة

ففي حديث جابر الطويل في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بيده، ثم أعطى عليا فنحر ما غبر وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها.

فتأمل كيف أهدى النبي صلى الله عليه وسلم مائة بدنة، وكثير من الناس اليوم يشق عليه إهداء شاة واحدة حتى إنه يختار النسك المفضول على الفاضل تفاديا للهدي!!.

وقد ذكر الله في كتابه هذا المعنى فجعل الحج محلا للتعاون والبذل والإحساس بالآخرين وسد حاجة الفقراء والجوعى، يقول الله سبحانه: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)
[الحج: 28]،
وفي الآية الأخرى يقول:
(فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [الحج: 36]،
والقانع هو الذي لا يسأل الناس إلحافا مع جوعه وإملاقه، والمعتر هو الفقير الذي يتكفف الناس.

أخي الحاج... احرص على البذل والعطاء والجود في الحج فقد توفر لك شرف الزمان والمكان والحال، ومن صور البذل والعطاء والجود في الحج:
- تحجيج الفقراء الذين لا يستطيعون الحج، والإنفاق عليهم كما تقدم عن الصالحين فعل ذلك.

- إطعام الطعام، وفي الإطعام أجر عظيم.
قال تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)
[الإنسان: 8].

- توزيع الماء البارد (السقيا)، حيث كثرة الزحام والعطش.

- الصدقة بالمال: فإن الإنفاق من أعظم القربات وأجل الطاعات، والآيات والأحاديث في فضل الصدقة كثيرة جدا، ومن بين هذا الجمع المبارك: الفقير وأصحاب الحاجات، ففي إعطائهم سد لجوعتهم وتفريج لكربتهم وإغناء لهم عن السؤال، حتى وإن كانت بالقليل من المال، قال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة».

قلت: وصور البذل والعطاء والجود والسخاء في الحج كثيرة من طلبها بصدق وفق لها.

فيا حجاج بيت الله حجوا كما حج الصالحون، وابذلوا وتصدقوا وإياكم والبخل والشح، فإن للصدقة تأثيرا عجيبا في دفع البلاء

قال ابن القيم:
«فإن للصدقة تأثيرا عجيبا في دفع أنواع البلاء؛ ولو كانت من فاجر أو من ظالم بل من كافر، فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعا من البلاء، وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم، وأهل الأرض كلهم مقرون به لأنهم جربوه...».






رد مع اقتباس
قديم 08-03-2020, 11:05 AM   #12


الصورة الرمزية طيبة

 عضويتي » 7
 جيت فيذا » Apr 2020
 آخر حضور » 07-11-2022 (02:34 AM)
آبدآعاتي » 1,629
الاعجابات المتلقاة » 132
الاعجابات المُرسلة » 286
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » طيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of light
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك
قناتك  » قناتك
ناديك  » اشجع
مَزآجِي  »

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

طيبة غير متواجد حالياً

افتراضي



( 8 ) الصالحون... وماء زمزم

- قال ابن عيينة: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: اللهم إني أشربه لظمأ يوم القيامة.

- وقال عكرمة: كان ابن عباس رضي الله عنهما إذا شرب من ماء زمزم قال: اللهم علما نافعا، ورزقا واسعا، وشفاء من كل داء.

- قال الحسن بن عيسى: رأيت ابن المبارك دخل زمزم فاستقى دلوا واستقبل البيت ثم قال: اللهم إن عبد الله بن المؤمل حدثني عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ماء زمزم لما شرب له» اللهم أني أشربه لعطش يوم القيامة فشرب.

- وقال أبو بكر محمد بن جعفر سمعت ابن خزيمة وسئل من أين أوتيت هذا العلم؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ماء زمزم لما شرب له» وإني لما شربت ماء زمزم سألت الله علما نافعا.

- وقال ابن عساكر: سمعت الحسين بن محمد يحدث عن أبي الفضل بن خيرون أو غيره أن الخطيب البغدادي ذكر أنه لما حج شرب من ماء زمزم ثلاث شربات وسأل الله ثلاث حاجات أخذا بالحديث «ماء زمزم لما شرب له»
فالحاجة الأولى: أن يحدث بتاريخ بغداد بها،
الثانية: أن يملي الحديث بجامع المنصور،
الثالثة: أن يدفن عند بشر الحافي، فقضى الله له ذلك.

- قال أبو بكر ابن العربي: ولقد كنت بمكة مقيما في ذي الحجة سنة تسع وثمانين وأربعمائة، وكنت أشرب ماء زمزم كثيرا، وكلما شربته نويت به العلم والإيمان، حتى فتح الله لي بركته في المقدار الذي يسره لي من العلم، ونسيت أن أشربه للعمل، ويا ليتني شربته لهما حتى يفتح الله علي فيهما، ولم يقدر، فكان صغوي إلى العلم أكثر منه إلى العمل، ونسأل الله الحفظ والتوفيق برحمته.

- وقال الحافظ أبو حازم العبدويي: سمعت الحاكم أبا عبد الله – إمام أهل الحديث في عصره – يقول: شربت ماء زمزم، وسألت الله أن يرزقني حسن التصنيف.

وقال أبو الفضل بن الفلكي الهمذاني: كان كتاب «تاريخ النيسابوريين» الذي صنفه الحاكم أبو عبد الله بن البيع أحد ما رحلت إلى نيسابور بسببه، وبلغني أنه شرب ماء زمزم بنية التصنيف والجمع، فرزق حسن التصنيف.

- وفي ترجمة الشيخ يحيى بن أحمد الأنصاري القرطبي أنه شرب ماء زمزم لحفظ القرآن، فتيسر عليه حفظه في أقرب مدة.

- وفي ترجمة الحافظ البلقيني: أنه لم يكن له تقدم اشتغال في العربية وأنه حج... فشرب ماء زمزم لفهمها فلما رجع أدمن النظر فيها فمهر فيها في مدة يسيرة.

- وقال ابن حجر: واشتهر عن الشافعي الإمام أنه شرب ماءا زمزم للرمي، فكان يصيب من كل عشرة تسعة، وشربه الحاكم أبو عبد الله لحسن التصنيف ولغير ذلك، فصار أحسن أهل عصره تصنيفا، ولا يحصى كم شربه من الأئمة لأمور نالوها، وقد ذكر لنا الحافظ زين الدين العراقي أنه شربه لشيء فحصل له.

ثم قال الحافظ ابن حجر: وأنا شربته مرة وسألت الله – وأنا حينئذ في بداية طلب الحديث – أن يرزقني حالة الذهبي في حفظ الحديث، ثم حججت بعد مدة تقرب من عشرين سنة، وأنا أجد من نفسي المزيد على تلك المرتبة، فسألته رتبة أعلى منها، فأرجو الله أن أنال ذلك.

وقال السيوطي: حكي عن شيخ الإسلام أبي الفضل بن حجر أنه قال: شربت ماء زمزم لأصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ، فبلغها وزاد عليها.

وأخبار العلماء والصالحين في هذا الباب كثيرة، ومن الممكن أن تفرد بجزء يجمعها ويحقق القول فيها.

التعليق: ثبت في «صحيح مسلم» في حديث إسلام أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر: «متى كنت ها هنا؟» قال: قلت: قد كنت ها هنا منذ ثلاثين بين ليلة ويوم، قال: «فمن كان يطعمك؟» قال: قلت: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم فسمنت حتى تكسرت عُكَنُ بطني وما أجد علي كبدي سخفة جوع قال: «إنها مباركة إنها طعام طعم».

قال أبو بكر ابن العربي: «وقد اجتزأ به أبو ذر ليالي أقام بمكة ينتظر لقاء النبي ليستمع منه قال: حتى سمنت وتكسرت عكن بطني، وكان لا يجترئ على السؤال، ولا يمكنه الظهور، ولا التكشف، فأغناه الله بماء زمزم عن الغذاء، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن هذا موجود فيه إلى يومه ذلك، وكذلك يكون إلى يوم القيامة لمن صحت نيته وسلمت طويته، ولم يكن به مُكذبا، ولا شربه مُجرِّبا، فإن الله مع المتوكلين وهو يفضح المجربين».

قال ابن القيم: «ماء زمزم: سيد المياه وأشرفها وأجلها قدرا، وأحبها إلى النفوس، وأغلاها ثمنا، وأنفسها عند الناس، وهو هزمة جبريل، وسقيا الله إسماعيل،...
وفي «سنن ابن ماجه» من حديث جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ماء زمزم لما شرب له».

وقد ضعف هذا الحديث طائفة بعبد الله بن المؤمل – راويه عن محمد بن المنكدر – وقد روينا عن عبد الله بن المبارك أنه لما حج أتى زمزم فقال: اللهم إن ابن أبي الموالي حدثنا عن محمد بن المنكدر عن جابر صلى الله عليه وسلم عن نبيك أنه قال: «ماء زمزم لما شرب له» وإني أشربه لظمأ يوم القيامة.

وابن أبي الموالي ثقة، فالحديث إذا حسن، وقد صححه بعضهم، وجعله بعضهم موضوعا وكلا القولين فيه مجازفة، وقد جربت أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أمورا عجيبة واستشفيت به من عدة أمراض، فبرأت بإذن الله، وشاهدت من يتغذى به الأيام ذوات العدد قريبا من نصف الشهر أو أكثر، ولا يجد جوعا، ويطوف مع الناس كأحدهم، وأخبرني أنه ربما بقي عليه أربعين يوما وكان له قوة يجامع بها أهله ويصوم ويطوف مرارا».

وقال أيضا: «ولقد أصابني أيام مقامي بمكة أسقام مختلفة، ولا طبيب هناك ولا أدوية كما في غيرها من المدن، فكنت أستشفي بالعسل وماء زمزم، ورأيت فيهما من الشفاء أمرا عجيبا..».

قال ابن حجر – تعليقا على قول البخاري «باب ما جاء في زمزم» -: «قوله: (باب ما جاء في زمزم) كأنه لم يثبت عنده في فضلها حديث على شرطه صريحا، وقد وقع في مسلم من حديث أبي ذر أنها طعام طعم، زاد الطيالسي من الوجه الذي أخرجه منه مسلم: وشفاء سقم، وفي المستدرك من حديث ابن عباس مرفوعا: ماء زمزم لما شرب له، رجاله موثقون إلا أنه اختلف في إرساله ووصله، وإرساله أصح، وله شاهد من حديث جابر، وهو أشهر منه أخرجه الشافعي وابن ماجه، ورجاله ثقات إلا عبد الله بن المؤمل المكي فذكر العقيلي أنه تفرد به، لكن ورد من رواية غيره عند البيهقي من طريق إبراهيم بن طهمان ومن طريق حمزة الزيات كلاهما عن أبي الزبير عن جابر، ووقع في فوائد ابن المقرئ من طريق سويد بن سعيد عن ابن المبارك عن ابن أبي الموالي عن ابن المنكدر عن جابر، وزعم الدمياطي أنه على رسم الصحيح وهو كما قال من حيث الرجال إلا أن سويدا وإن أخرج له مسلم فإنه خلط وطعنوا فيه، وقد شذ بإسناده، والمحفوظ عن ابن المبارك عن ابن المؤمل وقد جمعت في ذلك جزءا، والله أعلم».

وفي حديث جابر بن عبد الله في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم - وحديث جابر أطول حديث في صفة الحج وأصل في هذا الباب – قال: ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم، فقال: «انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم»، فناولوه دلوا فشرب منه؟ .

وبركة ماء زمزم لا تختص بشربه بل تشمل الاغتسال به طلبا للشفاء، ففي الحديث الذي أخرجه البخاري عن أبي جمرة الضبعي قال: كنت أجالس ابن عباس بمكة فأخذتني الحمى فقال: أبردها عنك بماء زمزم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء» أو قال: «بماء زمزم» - شك همام -.

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: ورأيته – رأى أباه – غير مرة يشرب من ماء زمزم يستشفي به، ويمسح به يديه ووجهه. ويقتصر في ذلك على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن السلف الصالح.

لطيفة: قال الحميدي: كنا عند سفيان بن عيينة فحدثنا بحديث «ماء زمزم لما شرب له» فقام رجل من المجلس ثم عاد فقال: يا أبا محمد! أليس الحديث الذي قد حدثتنا في زمزم صحيحا؟ فقال: بلى، فقال الرجل: فإني شربت الآن دلوا من زمزم على أن تحدثني بمائة حديث! فقال سفيان: اقعد. فقعد، فحدثه بمائة حديث.

تنبيه:
يذكر على بعض الألسنة أن فضيلته ما دام في محله فإذا نقل يتغير وهو شيء لا أصل به، وقد وردت آثار عديدة عن السلف في نقل ماء زمزم، وأما ما ورد مرفوعا فلم يصح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
«من حمل شيئا من ماء زمزم جاز فقد كان السلف يحملونه».

فائدة: حديث لا يثبت: أخرج ابن ماجه (رقم (2061)، وعبد الرزاق (رقم: 9111) – ومن طريقه الطبراني في الكبير (رقم (11) -، والدارقطني (رقم: 2736) تحقيق التركي) وغيرهم عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر قال: كنت عند ابن عباس جالسا فجاءه رجل فقال: من أين جئت؟ قال: من زمزم. قال: فشربت منها كما ينبغي؟ قال: وكيف؟ قال: إذا شربت منها فاستقبل الكعبة، واذكر اسم الله، وتنفس ثلاثا، وتضلع منها، فإذا فرغت فاحمد الله عز وجل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم».

وهذا الحديث لا يصح لما فيه من الاضطراب والاختلاف،
ولم يصب من صححه بتعدد طرقه، والله أعلم.





رد مع اقتباس
قديم 08-03-2020, 11:18 AM   #13


الصورة الرمزية طيبة

 عضويتي » 7
 جيت فيذا » Apr 2020
 آخر حضور » 07-11-2022 (02:34 AM)
آبدآعاتي » 1,629
الاعجابات المتلقاة » 132
الاعجابات المُرسلة » 286
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » طيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of light
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك
قناتك  » قناتك
ناديك  » اشجع
مَزآجِي  »

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

طيبة غير متواجد حالياً

افتراضي



( 9 ) الصالحون... ويوم عرفة

- قال سالم: كتب عبد الملك إلى الحجاج أن لا يخالف ابن عمر في الحج، فجاء ابن عمر رضي الله عنهما وأنا معه يوم عرفة حين زالت الشمس، فصاح عند سرادق الحجاج، فخرج وعليه ملحفة معصفرة، فقال: ما لك يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: الرواح إن كنت تريد السنة قال: هذه الساعة! قال: نعم، قال: فأنظرني حتى أفيض على رأسي ثم أخرج، فنزل حتى خرج الحجاج، فسار بيني وبين أبي، فقلت: إن كنت تريد السنة فاقصر الخطبة وعجل الوقوف!، فجعل ينظر إلى عبد الله، فلما رأى ذلك عبد الله، قال: صدق.

- وقال داود بن أبي عاصم: وقفت مع سالم بن عبد الله بعرفة أنظر كيف يصنع، فكان في الذكر والدعاء حتى أفاض الناس.

- قال ابن المبارك: جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة، وهو جاث على ركبتيه، وعيناه تهملان، فالتفت إليّ، فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالا؟ قال: الذي يظن أن الله لا يغفر لهم.

- وروي عن الفضيل بن عياض أنه نظر إلى نشيج الناس وبكائهم عشية عرفة، فقال: أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل فسألوه دانقا – يعني: سدس درهم – أكان يردهم؟ قالوا: لا. قال: والله، للمغفرة عند الله أهون من إجابة رجل لهم بدانق.

- وقال عمر بن الورد قال لي عطاء بن أبي رباح: إن استطعت أن تخلو بنفسك عشية عرفة فافعل.

- وكان حكيم بن حزام رضي الله عنه - يقف بعرفة ومعه مائة بدنة مقلدة، ومائة رقبة فيعتق رقيقه فيضج الناس بالبكاء والدعاء، يقولون: ربنا هذا عبدك قد أعتق عبيده ونحن عبيدك فأعتقنا. وجرى الناس مرة مع الرشيد نحو هذا.

- وقال يعلى بن حرملة: تكلم الحجاج يوم عرفة بعرفات فأطال الكلام فقال عبد الله بن عمر: ألا إن اليوم يوم ذكر فأمضى الحجاج، قال: فأعادها عبد الله مرتين أو ثلاثا ثم قال: يا نافع ناد بالصلاة فنزل الحجاج.

- عن سالم أن سعيد بن جبير أُفطر يوم عرفة لأتقوى على الدعاء.

- قال عبد الله بن بكر المزني: أفضت مع أبي من عرفة فقال لي: يا بني لولا أني فيهم لرجوت أن يغفر لهم.

قال الذهبي – تعليقا عليها – قلت: كذلك ينبغي للعبد أن يزري على نفسه ويهضمها.

- قال بشر بن الحارث: رأي فضيل بن عياض رجلا يسأل في الموقف فقال له: أفي هذا الموضع تسأل غير الله عز وجل؟ !.

- ورأى سالم بن عبد الله بن عمر سائلا يسأل الناس في عرفة فقال: يا عاجز أفي هذا اليوم تسأل غير الله تعالى؟ !.

- قال ابن رجب: «كانت أحوال الصادقين في الموقف بعرفة تتنوع فمنهم من كان يغلب عليه الخوف أو الحياء: وقف مطرف بن عبد الله وبكر المزني بعرفة، فقال أحدهما: اللهم لا ترد أهل الموقف من أجلي.
وقال الآخر: ما أشرفه من موقف وأرجاه لإله لولا أني فيهم!. وقف الفضيل بعرفة والناس يدعون وهو يبكي بكاء الثكلى المحترقة قد حال البكاء بينه وبين الدعاء فلما كادت الشمس أن تغرب رفع رأسه إلى السماء وقال: واسوءتاه منك وإن عفوت. ومن العارفين من كان في الموقف يتعلق بأذيال الرجاء قال ابن المبارك: جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة، وهو جاث على ركبتيه، وعيناه تهملان، فالتفت إلي، فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالا؟ قال: الذي يظن أن الله لا يغفر لهم».

التعليق: إن يوم عرفة يوم مهيب، ومشهد عظيم، ومناسبة كريمة ليس في الدنيا مشهد أعظم منه روت عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟».

قال النووي: «هذا الحديث ظاهر الدلالة في فضل يوم عرفة، وهو كذلك».

وفي مثل هذا اليوم وهذا المكان أنزل الله سبحانه (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) [المائدة: 3]

ففي «الصحيحين» عن عمر بن الخطاب أن رجلا من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرءونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال: أي آية؟ قال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي ، وهو قائم بعرفة يوم جمعة.

وفي مثل هذا اليوم وهذا المكان خطب النبي صلى الله عليه وسلم خطبة عظيمة جامعة تحكي المبادئ الكبرى لهذا الدين، وأهم مقاصده، ولقد كانت عبارات توديعية بألفاظها ومعانيها وشمولها وإيجازها، استشهد الناس فيها على البلاغ.

إن أول شيء أكد عليه في النهي من أمر الجاهلية الشرك بالله، فلقد جاء بكلمة التوحيد: (لا إله إلا الله) شعار الإسلام وعلم الملة، كلمة تنخلع بها جميع الآلهة الباطلة، ويثبت بها استحقاق الله وحده للعبادة.

نعم إنه لا فائدة من حج لا يقوم على التوحيد.. ونبذ الشرك.. إن من يقول – وهو متلبس بشعيرة من أعظم الشعائر - «مدد يا رسول الله» أو «مدد يا علي».. أو يذبح لغير الله، ويتوسل بالأولياء والصالحين.. ويدعوهم من دون الله.. لم يستشعر أن الحج شرع في الأصل لتوحيد الله عز وجل، قال تعالى: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) [الحج: 26].

وقد وقف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة يدعو الله عز وجل من زوال الشمس إلى غروبها مبتهلا بالذكر والدعاء والإنابة والخشوع رافعا يديه، حتى إنه سقط خطام ناقته فأمسكه بإحدى يديه وهو رافع الأخرى، ولم يمل ولم يتعب من طول القيام والدعاء... إنها القوة في العبادة واللذة في المناجاة.

عن جابر رضي الله عنه قال: ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص.

وفي حديث أسامة بن زيد قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات فرفع يديه يدعو فمالت به ناقته فسقط خطامها فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافع يده الأخرى.

قلت: ومع فضل صيام يوم عرفة وأنه يكفر سنتين كما في «صحيح مسلم» عن أبي قتادة الأنصاري صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: «يكفر السنة الماضية والباقية»، إلا أنه لا يشرع للحاج صيامه من أجل أن يقوى على الدعاء،
قال الشافعي رحمه الله: «ترك صوم عرفة للحاج أحب إلي من صوم يوم عرفة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك صوم يوم عرفة، والخير في كل ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأن المفطر أقوى في الدعاء من الصائم وأفضل الدعاء يوم عرفة». وقال ابن عبد البر: «قول الشافعي أحسن شيء في هذا الباب».

وفي «الصحيحين» عن أم الفضل بنت الحارث أن ناسا اختلفوا عندها يوم عرفة في صوم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بعضهم هو صائم. وقال بعضهم: ليس بصائم. فأرسلت إليه بقدح لبن وهو واقف على بعيره فشربه.

أخي الحاج... رأيت كيف كان حال سيد الأولين والآخرين في هذا اليوم، وسمعت أخبار الصالحين في هذا المشهد المهيب العظيم ذل وانكسار.. دعاء وافتقار.. بكاء وخشوع... وصدق في الالتجاء والانطراح بين يدي الرب سبحانه وتعالى.. لذا باهى الله بأهل عرفات الملائكة فقال: انظروا إلى عبادي شُعثا غبرا، ما أراد هؤلاء؟ !... الله أكبر!!.

أخي الحاج... ما نصيبك من هذا الخير في هذا اليوم... أين الدعاء والذل لله.. أين البكاء والخشوع والانكسار بين يدي الله عز وجل..

ما هذه القسوة من بعض الحجيج الذين يتجرأون على معاصي الله في أعظم أيام الله؟ ! كم نرى في الحج من أخلاق وأفعال لو صدرت من غير الحاج لاستنكرت فكيف بالحاج وفي هذا اليوم؟ !!،

ومن تلك الأفعال:

- صعود جبل عرفة، والصلاة فيه، والتبرك به، وتعليق الخرق وكتابة الأوراق لإثبات أنهم بلغوا هذا المكان، وكل هذا من البدع لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك، والأصل في العبادات التوقيف حتى يقوم دليل على مشروعيتها.

- شرب الدخان ـ وللأسف هذا منتشر بين الحجاج -.

- التسول وسؤال الناس، وفي «صحيح البخاري» عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون نحن المتوكلون، فإذا قدموا مكة سألوا الناس، فأنزل الله تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)
[البقرة: 197].

وتقدم أن الفضيل بن عياض رأى رجلا يسأل في الموقف فقال له: أفي هذا الموضع تسأل غير الله عز وجل؟ !.

فيا حجاج بيت الله حجوا كما حج الصالحون، وعظموا شعائر الله، واعرفوا لهذا اليوم قدره ومكانته، وأكثروا فيه من الذكر والدعاء والإنابة، وإياكم وفضول الكلام.. فإنما هي سويعات قليلة يوشك أن تنقضي ثم لا تعود أبدا.. فالمسارعة المسارعة!.

لفتة جميلة:
قال الشيخ الأديب علي الطنطاوي: «لو كان يجوز أن يحضر هذا الموقف غير المسلم لاقترحت على الأمم المتحدة أن توفد من يدعي المساواة ومحاربة العنصرية والتمييز بين الناس، ليرى هذا المشهد الذي لم تبصر عين الشمس مثيلا له!.

مشهد متفرد ما رأى أحد ولن يرى مثله من هنا أعلن محمد صلى الله عليه وسلم حقوق الإنسان قبل أن تعلنها الثورة الفرنسية بأكثر من ألف عام.
أعلنها عملا سبق القول، وأعلنوها قولا ما بعده عمل!!. لما وقف في حجة الوداع في أكبر جمع إسلامي كان على عهده صلى الله عليه وسلم، فقرر حصانة الدماء والأموال والأعراض وحرمة التعدي عليها، وأن الناس سواء: ربهم واحد وأبوهم واحد (كلكم لآدم وآدم من تراب)، فلا يتكبر متكبر ولا يستعل مستعل، فما خلق الله واحدا من التبر وواحدا من الطين، بل الكل من التراب وإلى التراب، ثم إلى موقف الحساب، ثم إلى الثواب أو العقاب، ألغى شرف النسب والمال والجاه الموروث، فالكريم هو الكريم بمزاياه بأعماله، لا بأهله ولا بآله، ولا بثروته ولا بماله (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [الحجرات: 13]».

شعر جميل في وصف يوم عرفة وحال الحجيج فيه،
قال ابن القيم رحمه الله في ميميته المشهورة:

وراحوا إلى التعريف يرجون رحمة *** ومغفرة ممن يجود ويكرم

فلله ذاك الموقف الأعظم الذي *** كموقف يوم العرض بل ذاك أعظم

ويدنوا به الجبار جل جلاله *** يباهي بهم أملاكه فهو أكرم

يقول عبادي قد أتوني محبة *** وإني بهم بر أجود وأرحم

فأشهدكم أني غفرت ذنوبهم *** وأعطيتهم ما أملوه وأنعم

فبشراكم يا أهل ذا الموقف الذي *** به يغفر الله الذنوب ويرحم

فكم من عتيق فيه كمل عتقه *** وآخر يستسعى وربك أرحم

وما رؤى الشيطان أغيظ في الورى *** وأحقر منه عندها وهو ألأم

وذاك لأمر قد رآه فغاظه *** فأقبل يحثو الترب غيظا ويلطم

لما عاينت عيناه من رحمة أتت *** ومغفرة من عند ذي العرش تقسم

بنى ما بنى حتى إذا ظن أنه *** تمكن من بنيانه فهو محكم

أتى الله بنيانا له من أساسه *** فخر عليه ساقطا يتهدم

وكم قدر ما يعلو البناء وينتهي *** إذا كان يبنيه وذو العرش يهدم








رد مع اقتباس
قديم 08-03-2020, 11:25 AM   #14




الصورة الرمزية خفوق الروح

 عضويتي » 37
 جيت فيذا » May 2020
 آخر حضور » 04-18-2024 (11:38 AM)
آبدآعاتي » 970,216
الاعجابات المتلقاة » 8800
الاعجابات المُرسلة » 2157
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » خفوق الروح has a reputation beyond reputeخفوق الروح has a reputation beyond reputeخفوق الروح has a reputation beyond reputeخفوق الروح has a reputation beyond reputeخفوق الروح has a reputation beyond reputeخفوق الروح has a reputation beyond reputeخفوق الروح has a reputation beyond reputeخفوق الروح has a reputation beyond reputeخفوق الروح has a reputation beyond reputeخفوق الروح has a reputation beyond reputeخفوق الروح has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك   الاسلامي
قناتك  » قناتك
ناديك  » اشجع
مَزآجِي  »

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

мч ммѕ ~
MMS ~


اوسمتي

خفوق الروح متواجد حالياً

افتراضي



يعـطيك العــآفية
‎ولآ عـدمنآ تميز انآملك الذهبية
‎دمت ودآم بحـر عطآئك بمآ يطرح متميزآ
‎بنتظآر القآدم بشووق
‎فلآ تحــرمنآ من جديد تميزك
‎لروحــك بآقآت من الجوري


 توقيع : خفوق الروح





رد مع اقتباس
قديم 08-03-2020, 11:28 AM   #15


الصورة الرمزية طيبة

 عضويتي » 7
 جيت فيذا » Apr 2020
 آخر حضور » 07-11-2022 (02:34 AM)
آبدآعاتي » 1,629
الاعجابات المتلقاة » 132
الاعجابات المُرسلة » 286
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » طيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of light
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك
قناتك  » قناتك
ناديك  » اشجع
مَزآجِي  »

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

طيبة غير متواجد حالياً

افتراضي



(10) الصالحون.. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة للمسلمين في الحج

- قال بشر بن الحارث: رأى فضيل بن عياض رجلا يسأل في الموقف فقال له: أفي هذا الموضع تسأل غير الله عز وجل؟ !!.

- وقال يعلى بن حرملة: تكلم الحجاج يوم عرفة بعرفات فأطال الكلام، فقال عبد الله بن عمر: ألا إن اليوم يوم ذكر فأمضى الحجاج قال فأعادها عبد الله مرتين أو ثلاثا ثم قال: يا نافع ناد بالصلاة فنزل الحجاج. قلت: وقد كان عبد الملك بن مروان كتب إلى الحجاج أن لا يخالف ابن عمر في الحج.

- وقال أبو نعيم: قدم المهدي مكة وسفيان الثوري بمكة، فدعاه فقال له سفيان – وقد رأى ما قد هيأه للحج -: اتق الله واعلم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حج فأنفق ستة عشر دينارا، وفي رواية: قال سفيان: ما هذه الفساطيط؟ ما هذه السرادقات؟ حج عمر بن الخطاب فسأل: كم أنفقنا في حجتنا هذه؟ فقيل: كذا وكذا دينارا ـ ذكر شيئا يسيرا ـ فقال: لقد أسرفنا.

- وقال سفيان الثوري: أدخلت على المهدي بمنى فقلت له: اتق الله فإنما أنزلت هذه المنزلة، وصرت في هذا الموضع بسيوف المهاجرين والأنصار؛ وأبناؤهم يموتون جوعا، حج عمر بن الخطاب فما أنفق إلا خمسة عشر دينارا، وكان ينزل تحت الشجر فقال لي: أتريد أن أكون مثلك؟ قلت: لا تكن مثلي، ولكن كن دون ما أنت فيه، وفوق ما أنا فيه! فقال لي: اخرج.

التعليق: قلت: ومن صور إنكار النبي صلى الله عليه وسلم للمنكر في الحج ما ثبت في «الصحيحين» عن عبد الله بن عباس قال: كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله عز وجل على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: «نعم» وذلك في حجة الوداع.

وفي هذا الحديث العظيم فوائد:

- مشروعية تغيير المنكر بحسب ما يقدر عليه إذا رآه.

- الرفق في إنكار المنكر وسلوك الحكمة في ذلك، وهذا أمر ينبغي التنبه له والتنبيه عليه قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وهنا يغلط فريقان من الناس: فريق يترك ما يجب من الأمر والنهي... والفريق الثاني: من يريد أن يأمر وينهى إما بلسانه وإما بيده مطلقا من غير فقه ولا حلم ولا صبر ولا نظر في ما يصلح من ذلك وما لا يصلح، وما يقدر عليه وما لا يقدر كما في حديث أبي ثعلبة الخشني سألت عنها ـ أي الآية ـ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك ـ يعني بنفسك ـ ودع عنك العوام، فإن من ورائكم أيام الصبر الصبر فيه مثل قبض على الجمر، للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله»،

فيأتي بالأمر والنهي معتقدا أنه مطيع في ذلك لله ورسوله، وهو معتد في حدوده، كما نصب كثير من أهل البدع والأهواء نفسه للأمر والنهي كالخوارج والمعتزلة والرافضة، وغيرهم ممن غلط فيما أتاه من الأمر والنهي والجهاد وغير ذلك، فكان فساده أعظم من صلاحه!، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر على جور الأئمة ونهى عن قتالهم ما أقاموا الصلاة، وقال: «أدوا إليهم حقوقهم وسلوا الله حقوقكم».. ولهذا كان من أصول أهل السنة والجماعة لزوم الجماعة وترك قتال الأئمة وترك القتال في الفتنة».

- ومنها تحريم النظر إلى الأجنبية.

- وفيه دليل على أنه يجب على الإمام أن يحول بين الرجال والنساء اللواتي لا يؤمن عليهن ولا منهن الفتنة، ومن الخروج والمشي منهن في الحواضر والأسواق وحيث ينظرن إلى الرجال وينظر إليهن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء».

- وفيه إباحة الارتداف، وذلك من التواضع وأفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلها سنن مرغوب فيها بحسن التأسي بها على كل حال، وجميل الارتداف بالجليل من الرجال.

ومن صور إنكار النبي صلى الله عليه وسلم للمنكر ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مر وهو يطوف بالكعبة بإنسان ربط يده إلى إنسان بسير أو بخيط أو بشيء غير ذلك فقطعه النبي صلى الله عليه وسلم بيده ثم قال: «قده بيده»،
وفي لفظ: «مر برجل وهو يطوف بالكعبة يقوده إنسان بخزامة في أنفه فقطعه النبي صلى الله عليه وسلم بيده ثم أمره أن يقوده بيده»،
بوب البخاري على هذا الحديث بقوله: «باب إذا رأى سيرا أو شيئا يكره في الطواف قطعه»،
قال ابن بطال: «وإنما قطعه لأن القود بالأزمة إنما يفعل بالبهائم وهو مثله»،

وقال ابن بطال أيضا: «في هذا الحديث: إنه يجوز للطائف فعل ما خف من الأفعال، وتغيير ما يراه الطائف من المنكر».

وقال النووي: «قطعه صلى الله عليه وسلم السير محمول على أنه لم يمكن إزالة هذا المنكر إلا يقطعه».

قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله في نصيحة كتبها للحجاج جاء فيها: «ونصيحتي لنفسي ولإخواني الحجاج والمسلمين في كل مكان... أن يقوموا بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أمر الله به المسلمين كل بحسب استطاعته كما قال سبحانه (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)

وجاء في الحديث الصحيح: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان»، فولاة الأمور يغيرون المنكر باليد ممن لهم عليهم ولاية، وهكذا كل من له قدرة على الإنكار باليد، كرب البيت، ورئيس الحسبة حسب ما لديه من الصلاحيات ونحوهم».

قلت: لا شك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة للمسلمين هي سفينة النجاة لهذه الأمة الوسط، والعقلاء يعلمون أن من أعظم أسباب الفتن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
«وإذا كان الكفر والفسوق والعصيان سبب الشر والعدوان، فقد يذنب الرجل أو الطائفة، ويسكت آخرون عن الأمر والنهي، فيكون ذلك من ذنوبهم، و ينكر عليهم آخرون إنكارا منهيا عنه، فيكون ذلك من ذنوبهم، فيحصل التفرق والاختلاف والشر، وهذا من أعظم الفتن والشرور قديما وحديثا... ومن تدبر الفتن الواقعة رأى سببها ذلك، ورأى أن ما وقع بين أمراء الأمة وعلمائها، ومن دخل في ذلك من ملوكها ومشايخها ومن تبعهم من العامة من الفتن هذا أصلها».

ومجالات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرة في موسم الحج وأهمها وأعظمها:

- التحذير من الشرك والبدع! وكم من شخص جاء إلى الحج وهو متلبس بالشرك وواقع في البدع، ثم رجع إلى بلده وهو داعية إلى التوحيد، ونبذ الشرك.

- ومنها كذلك النهي عن المحرمات العامة من الفسوق بجميع أنواعه من كذب وغش وخيانة وغيبة ونميمة واستهزاء، واستماع إلى المعازف والأغاني المحرمة، وشرب الدخان والتصوير وحلق اللحى، وكذلك يأمر بالحجاب ويحذر من السفور.

فيا حجاج بيت الله حجوا كما حج الصالحون، ومروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، واصبروا فإن الله مع الصابرين.






رد مع اقتباس
قديم 08-03-2020, 11:32 AM   #16


الصورة الرمزية طيبة

 عضويتي » 7
 جيت فيذا » Apr 2020
 آخر حضور » 07-11-2022 (02:34 AM)
آبدآعاتي » 1,629
الاعجابات المتلقاة » 132
الاعجابات المُرسلة » 286
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » طيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of light
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك
قناتك  » قناتك
ناديك  » اشجع
مَزآجِي  »

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

طيبة غير متواجد حالياً

افتراضي



(11) الصالحون... وتمني أن يكون ختام حياتهم حجا

- قال خيثمة بن عبد الرحمن: كان يعجبهم أن يموت الرجل عند خير يعمله إما حج، وإما عمرة، وإما غزوة، وإما صيام رمضان.

- وقال طلحة اليامي: كنا نتحدث أنه من ختم له بإحدى ثلاث إما قال: وجبت له الجنة وإما قال: برئ من النار: من صام شهر رمضان فإذا انقضى الشهر مات، ومن خرج حاجا فإذا قدم من حجته مات، ومن خرج معتمرا فإذا قدم من عمرته مات.

- وكتب محمد بن يوسف إلى الحكم بن بردة: يا أخي اتق الله الذي لا يطاق انتقامه، وكتب في آخر كتابه: إن استطعت أن تختم عمرك بحجة فافعل فإن أدنى ما يروى في الحاج أنه يرجع كيوم ولدته أمه.

- وقال ابن رجب: «كان السلف يرون أن من مات عقيب عمل صالح كصيام رمضان، أو عقيب حج أو عمرة، أنه يرجى له أن يدخل الجنة، وكانوا مع اجتهادهم في الصحة في الأعمال الصالحة يجددون التوبة والاستغفار عند الموت، ويختمون أعمالهم بالاستغفار وكلمة التوحيد».

التعليق: حسن الخاتمة هو أن يوفق العبد قبل موته فيعمل عملا صالحا ثم يكون موته بعد ذلك على هذه الحال الحسنة، وقد كان السلف الصالح يسألون الله حسن الخاتمة، ويستعيذون من سوء الخاتمة وهم بذلك يستشعرون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار، وإنما الأعمال بالخواتيم»،
وفي روية: «إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وإنه لمن أهل النار، ويعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة».

قال ابن رجب: «وقوله (فيما يبدو للناس) إشارة إلى أن باطن الأمر يكون بخلاف ذلك، وإن خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد، لا يطلع عليها الناس؛ إما من جهة عمل سيئ ونحو ذلك فتلك الخصلة الخفية توجب سوء الخاتمة عند الموت، وكذلك قد يعمل الرجل عمل أهل النار وفي باطنه خصلة خفية من خصال الخير فتغلب عليه تلك الخصلة في آخر عمره فتوجب له حسن الخاتمة، قال عبد العزيز بن أبي رواد: حضرت رجلا عند الموت يلقن الشهادة لا إله إلا الله، فقال في آخر ما قال: هو كافر بما تقول، ومات على ذلك، قال: فسألت عنه فإذا هو مدمن خمر، وكان عبد العزيز يقول: اتقوا الذنوب فإنها هي التي أوقعته، وفي الجملة فالخواتيم ميراث السوابق فكل ذلك سبق في الكتاب السابق، ومن هنا كان يشتد خوف السلف من سوء الخواتيم، ومنهم من كان يقلق من ذكر السوابق، وقد قيل: إن قلوب الأبرار معلقة بالخواتيم يقولون: بماذا يختم لنا، وقلوب المقربين معلقة بالسوابق يقولون: ماذا سبق لنا».

قال ابن القيم رحمه الله: «وإذا نظرت إلى حال كثير من المحتضرين وجدتهم يُحال بينهم وبين حسن الخاتمة عقوبة لهم على أعمال السيئة،

قال الحافظ أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الأشبيلي رحمه الله: وأعلم أن لسوء الخاتمة – أعاذنا الله منها – أسبابا، ولها طرقا وأبوابا أعظمها الإنكباب على الدنيا وطلبها والحرص عليها، والإعراض عن الأخرى، والإقدام والجرأة على معاصي الله عز وجل، وربما غلب على الإنسان ضرب من الخطيئة، ونوع من المعصية، وجانب من الإعراض، ونصيب من الجرأة والإقدام، فملك قلبه وسبي عقله وأطفأ نوره وأرسل عليه حجبه فلم تنفع فيه تذكرة، ولا نجعت فيه موعظة، فربما جاءه الموت على ذلك فسمع النداء من مكان بعيد فلم يتبين له المراد، ولا علم ما أراد، وإن كرر عليه الداعي وأعاد!».

قلت: وأخبار حسن خاتمة الصالحين، وسوء خاتمة المعرضين كثيرة، ليس هذا موضوع ذكرها، وقد أفردت فيها مؤلفات، غير أنه مما يجب التنبه له والتنبيه عليه أنه ما سمع ولا علم – ولله الحمد – بأن صاحب السريرة الصالحة والقلب السليم قد ختم له بسوء؛ وإنما يكون ذلك لمن فسدت سريرته وباغته الموت قبل إصلاح الطوية كما تقدم في كلام ابن رجب.

فيا حجاج بيت الله حجوا كما حج الصالحون، وسلوا الله القبول وحسن الختام، وإياكم وذنوب الخلوات فهي سبب من أسباب الانتكاسات، وعليكم بطاعة الخلوات فهي طريق للثبات حتى الممات بإذن الله..






رد مع اقتباس
قديم 08-03-2020, 11:39 AM   #17


الصورة الرمزية طيبة

 عضويتي » 7
 جيت فيذا » Apr 2020
 آخر حضور » 07-11-2022 (02:34 AM)
آبدآعاتي » 1,629
الاعجابات المتلقاة » 132
الاعجابات المُرسلة » 286
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » طيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of light
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك
قناتك  » قناتك
ناديك  » اشجع
مَزآجِي  »

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

طيبة غير متواجد حالياً

افتراضي



(12) الصالحون.. وتأمل حكم الحج وأسراره ولطائفه

أنقل في هذا الموضوع كلاما جميلا للشيخ عبد الرحمن السعدي قال فيه:
«اتفق المسلمون على ما ثبت في الكتاب والسنة من وجوب الحج، وأنه أحد أركان الإسلام ومبانيه التي لا يتم إلا بها وعلى ما ورد في فضله وشرفه وكثرة ثوابه عند الله، وهذا معلوم بالضرورة من دين الإسلام.

وقد فرضه العليم الحكيم الحميد ـ في جميع ما شرعه وخلفه -، واختص هذا البيت الحرام وأضافه إلى نفسه وجعل فيه وفي عرصاته والمشاعر التابعة له من الحكم والأسرار ولطائف المعارف ما يضيق علم العبد عن معرفته، وحسبك أنه جعله قياما للناس، به تقوم أحوالهم ويقوم دينهم ودنياهم، فلولا وجود بيته في الأرض وعمارته بالحج والعمرة وأنواع التعبدات لآذن هذا العالم بالخراب،

ولهذا من أمارات الساعة واقترابها هدمه بعد عمارته وتركه بعد زيارته، لأن الحج مبني على المحبة والتوحيد الذي هو أصل الأصول كلها، فمن حين يدخل فيه الإنسان يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، ولا يزال هذا الذكر وتوابعه حتى يفرغ، ولهذا قال جابر رضي الله عنه: فأهلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوحيد،

لأن قول الملبي: لبيك اللهم لبيك، التزام لعبودية ربه وتكرير لهذا الالتزام لطمأنينة نفس وانشراح صدر، ثم إثبات جميع المحامد وأنواع الثناء والملك العظيم لله تعالى، ونفي الشريك عنه في ألوهيته وربوبيته وحمده وملكه، هذا حقيقة التوحيد وهو حقيقة المحبة؛ لأنه استزارة المحب لأحبابه وإيفادهم إليه ليحظوا بالوصول إلى بيته، ويتمتعوا بالتنوع في عبوديته والذل له والانكسار بين يديه وسؤالهم جميع مطالبهم وحاجاتهم الدينية والدنيوية في تلك المشاعر العظام والمواقف الكرام ليجزل لهم من قراه وكرمه ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

وليحط عنهم خطاياهم، ويرجعهم كما ولدتهم أمهاتهم، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، ولتحقق محبتهم لربهم بإنفاق نفائس أموالهم، وبذل مهجهم بالوصول إلى بلد لم يكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس، فأفضل ما أنفقت فيه الأموال، وأعظمه عائدة وأكثر فوائد إنفاقها في الوصول إلى المحبوب وإلى ما يحبه المحبوب، ومع هذا فقد وعدهم بإخلاف النفقة والبركة في الرزق،
قال تعالى: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ) [سبأ: 39]، وأعظم ما دخل في هذا الوعد من الكريم الصادق إنفاقها في هذا الطريق.

وأفضل ما ابتذل به العبد قوته واستفرغ له عمل بدنه هذه الأعمال التي هي حقيقة الأعمار، فحقيقة عمر العبد ما قضاه في طاعة سيده، وكل عمل وتعب ومشقة ليست بهذه السبيل فهي على العبد لا للعبد.

ثم ما في ذلك من تذكر حال العابدين وأصفيائه من الأنبياء والمرسلين قال تعالى (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى) [البقرة: 125]

والصحيح أنه مفرد مضاف يشمل جميع مقاماته في الحج من الطواف والسعي والوقوف بالمشاعر والهدي وأصناف متعبدات الحج وقال النبي صلى الله عليه وسلم في كل موطن من مواطن الحج ومشاعره: «لتأخذوا عني مناسككم» فهو تذكير لحال الخليل إبراهيم صلى الله عليه وسلم وأهل بيته وتذكير لحال سيد المرسلين وإمامهم، وهذا أفضل وأكمل أنواع التذكيرات للعظماء تذكيرا بأحوالهم الجليلة ومآثرهم الجميلة، والمتذكر لذلك ذاكر الله تعالى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الطواف بالبيت، وبالصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله» ففي هذا من الإيمان بالله ورسله الكرام وذكر مناقبهم وفضائلهم ما يزداد به المؤمن إيمانا، والعارف إيقانا، ويحثه على الإقتداء بسيرهم الفاضلة، وصفاتهم الكاملة.

ثم ما في اجتماع المسلمين في تلك المشاعر واتفاقهم على عبادة واحدة ومقصود واحد، ووقوف بعضهم من بعض، واتصال أهل المشارق بالمغارب، في بقعة واحدة لعبادة واحدة ما يحقق الوحدة الإسلامية، والأخوة الإيمانية، ويربط أقصاهم بأدناهم، ويعلمون أن الدين شاملهم، وأن مصالحه مصالحهم وإن تناءت بهم الديار، وتباعدت منهم الأقطار.

فهذه إشارة يسيرة إلى بعض الحكم والأسرار المتعلقة بهذه العبادة العظيمة، فلله الحمد والثناء حيث أنعم بها عليهم، وأكمل لهم دينهم، وأتم عليهم نعمته، ورضي لهم الإسلام دينا.

وهذه الحكم من أقوى البراهين والأدلة على سعة رحمة الله، وعموم بره، وأن الدين الحق الذي لا دين سواه هو الدين المشتمل على مثل هذه الأمور، والله تعالى أعلم».






رد مع اقتباس
قديم 08-03-2020, 12:09 PM   #18


الصورة الرمزية طيبة

 عضويتي » 7
 جيت فيذا » Apr 2020
 آخر حضور » 07-11-2022 (02:34 AM)
آبدآعاتي » 1,629
الاعجابات المتلقاة » 132
الاعجابات المُرسلة » 286
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » طيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of light
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك
قناتك  » قناتك
ناديك  » اشجع
مَزآجِي  »

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

طيبة غير متواجد حالياً

افتراضي



(13) الصالحات... والحج

- الصالحة... أفضل جهادها الحج المبرور:
لحديث عائشة المتقدم قالت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: «لا، لكن أفضل الجهاد حج مبرور».

- الصالحة... تبادر للحج عند استطاعتها:
لقوله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 97]،
وقوله: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) [آل عمران: 133]،
والحج يجب على الفور لا على التراخي، للنصوص السابقة، ولأن الشرع واللغة والعقل كلها يدل على أن أوامر الله تجب على الفور.

- الصالحة... لا تسافر للحج إلا مع ذي محرم:
لحديث أبي معبد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يخلون رجل بامرأة، ولا تسافرن امرأة إلا ومعه محرم» فقام رجل فقال: يا رسول الله، اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وخرجت امرأتي حاجة قال: «اذهب فحج مع امرأتك».

- الصالحة... لا تخلو بالرجل الأجنبي في الحج وغيره:
لحديث أبي معبد عن ابن عباس، وتقدم ذكره.
ولحديث جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا لا يبيتن رجل عند امرأة ثيب إلا أن يكون ناكحا أو ذا محرم».

وحديث ابن عمر قال: خطبنا عمر بالجابية فقال: يا أيها الناس إني قمت فيكم كمقام رسول الله فينا فقال: «أوصيكم بأصحابي... ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان».

قال النووي: «وفي هذا الحديث والأحاديث بعده تحريم الخلوة بالأجنبية وإباحة الخلوة بمحارمها، وهذان الأمران مجمع عليهما»، وحكى الإجماع أيضا ابن حجر وغيره.

- الصالحة... تشترط في الحج والعمرة إذا خافت الضرر على نفسها:
لحديث عائشة قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير فقال لها: «لعلك أردت الحج؟» قالت: والله لا أجدني إلا وجعة. فقال لها: «حجي واشترطي وقولي: اللهم محلي حيث حبستني».

- الصالحة... لا تخالط الرجال في الحج قدر المستطاع:

قال ابن جريج: أخبرني عطاء إذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال قال: كيف يمنعهن وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال؟ ! قلت: أبعد الحجاب أو قبل؟ قال: إي لعمري لقد أدركته بعد الحجاب، قلت: كيف يخالطن الرجال؟ قال: لم يكن يخالطهن كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حجرة من الرجال لا تخالطهم، فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين، قالت: انطلقي عنك! وأبت، يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال، ولكنهن كن إذا دخلن البيت قمن حتى يدخلن وأخرج الرجال.

قلت: ومعنى هذا الخبر أن ابن هشام أراد أن يجعل للرجال وقتا يطوفون فيه، وللنساء وقتا آخر يطفن منفردات، فبين عطاء بن أبي رباح أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم وهن أطهر النساء كن يطفن مع الرجال ولكن منفردات من غير اختلاط.

وهذا الأمر في هذا الزمان أصبح صعبا بسبب أحوال الناس – وإن كان ممكنا – فعلى المرأة أن تتقي الله ما استطاعت.

وفي الحديث عن أم سلمة قالت: شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي قال: «طوفي من وراء الناس وأنت راكبة» فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جنب البيت يقرأ بالطور وكتاب مسطور.

قال النووي: «إنما أمرها صلى الله عليه وسلم بالطواف من وراء الناس لشيئين: أحدهما أن سنة النساء التباعد عن الرجال في الطواف.
والثاني: أن قربها يخاف منه تأذي الناس بدابتها، وكذا إذا طاف الرجل راكبا، وإنما طافت في حال صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ليكون أستر لها وكانت هذه الصلاة صلاة الصبح».

- الصالحة... تسأل عن دينها في الحج: ففي الحديث عن عبد الله بن عباس قال: -جاءت امرأة من خثعم... فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: «نعم» وذلك في حجة الوداع.

وفي الحديث عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم لقي ركبا بالروحاء فقال: «من القوم؟» قالوا: المسلمون. فقالوا: من أنت؟ قال: «رسول الله»، فرفعت إليه امرأة صبيا فقالت: ألهذا حج؟ قال: «نعم ولك أجر».

- الصالحة.. لا تنتقب ولا تلبس القفازين: لحديث ابن عمر وفيه: «ولا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين».

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «البرقع أقوى من النقاب»، وقال ابن القيم: «فإن البرقع واللثام وإن لم يسميا نقابا فلا فرق بينهما وبينه، بل إذا نهيت عن النقاب فالبرقع واللثام أولى!، ولذلك منعتها أم المؤمنين من اللثام»،
وقال ابن حزم: «وأما اللثام فإنه نقاب بلا شك فلا يحل لها».

ولكن إذا كان هناك رجال أجانب فإن المحرمة تغطي وجهها بغير النقاب والبرقع وما في معناهما مما هو مفصل للوجه كما في النقطة التالية:
- الصالحة... تستر وجهها في الحج وغيره عن الرجال الأجانب:
لعموم النصوص الواردة في وجوب الحجاب عن الرجال الأجانب، وللنصوص الخاصة الواردة في تغطية المحرمة وجهها عن الرجال الأجانب، من ذلك:
ما رواه الإمام في «الموطأ» عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت: كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق.

قال ابن القيم: «ونساؤه صلى الله عليه وسلم أعلم الأمة بهذه المسألة وقد كن يسدلن على وجوههن إذا حاذاهن الركبان فإذا جاوزوهن كشفن وجوههن، وروى وكيع عن شعبة عن يزيد الرشك عن معاذة العدوية قالت: سألت عائشة ما تلبس المحرمة؟ فقالت: لا تنتقب ولا تتلثم وتسدل الثوب على وجهها، فجاوزت طائفة ذلك ومنعتها من تغطية وجهها جملة قالوا: وإذا سدلت على وجهها فلا تدع الثوب يمس وجهها فإن مسه افتدت!، ولا دليل على هذا ألبتة، وقياس قول هؤلاء أنها إذا غطت يدها افتدت، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سوى بينهما في النهي وجعلهما كبدن المحرم فنهى عن لبس القميص والنقاب والقفازين، هذا للبدن، وهذا للوجه، وهذا لليدين، ولا يحرم ستر البدن فكيف يحرم ستر الوجه في حق المرأة مع أمر الله لها أن تدني عليها من جلبابها لئلا تعرف ويفتتن بصورتها!!».

ومما ينبغي التفطن له أنه لا يجب على المرأة إذا سدلت الجلباب على وجهها أنه ترفعه كما تفعل بعض النساء، بل هذا فيه مشقة شديدة، لا تأتي به الشريعة، فلا حرج أن يمس الحجاب بشرتها وتقدم التنبيه على هذا في كلام ابن القيم السابق،

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «لو غطت المرأة وجهها بشيء لا يمس الوجه جاز بالاتفاق، وإن كان يمسه فالصحيح أنه يجوز أيضا، ولا تكلف المرأة أن تجافي سترتها عن الوجه، لا بعود ولا بيد ولا غير ذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سوى بين وجهها ويديها وكلاهما كبدن الرجل لا كرأسه.
وأزواجه صلى الله عليه وسلم كن يسدلن على وجوههن من غير مراعاة المجافاة.

ولم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إحرام المرأة في وجهها، وإنما هذا قول بعض السلف، لكن النبي صلى الله عليه وسلم نهاها أن تنتقب أو تلبس القفازين، كما نهى المحرم أن يلبس القميص والخف مع أنه يجوز له أن يستر يديه ورجليه باتفاق الأئمة، والبرقع أقوى من النقاب فلهذا ينهى عنه باتفاقهم ولهذا كانت المحرمة لا تلبس ما يصنع لستر الوجه كالبرقع ونحوه فإنه كالنقاب».

- الصالحة.. تنفق وتبذل وتعطي في الحج: لحديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله، يصدر الناس بنسكين وأصدر بنسك فقيل لها: انتظري فإذا طهرت فاخرجي إلى التنعيم فأهلي ثم ائتينا بمكان كذا، ولكنها على قدر نفقتك أو نصبك، وفي لفظ: «إنما أجرك في عمرتك على قدر نفقتك».

قال النووي: «هذا ظاهر في أن الثواب والفضل في العبادة يكثر بكثرة النصب والنفقة، والمراد النصب الذي لا يذمه الشرع وكذا النفقة».

- الصالحة.. تأخذ بالرخصة في الحج: من تأمل الحج وما فيه من مشقة وجهد خاصة للنساء – ولذا كان في حقهن جهاد -، رأى أن الشريعة خففت عن المرأة في مواضع عدة من أحكام الحج خشية الضرر والزحام، ومن النصوص الواردة في ذلك:

- حديث سالم بن عبد الله بن عمر وفيه: وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقدم ضعفة أهله فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بليل، فيذكرون الله ما بدا لهم، ثم يرجعون قبل أن يقف الإمام، وقبل أن يدفع، فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر، ومنهم من يقدم بعد ذلك، فإذا قدموا رموا الجمرة، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: أرخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي حديث عبد الله مولى أسماء عن أسماء أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة، فقامت تصلي فصلت ساعة، ثم قالت: يا بني هل غاب القمر؟ قلت: لا، فصلت ساعة، ثم قالت: هل غاب القمر؟ قلت: نعم، قالت: فارتحلوا، فارتحلنا ومضينا حتى رمت الجمرة، ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها، فقلت لها: يا هنتاه، ما أرانا إلا قد غلسنا! قالت: يا بني، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للظعن.

- الصالحة... لا تستلم الحجر الأسود خشية مزاحمة الرجال: لحديث عائشة المتقدم – وهو في «صحيح البخاري» - وفيه: فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين، قالت: انطلقي عنك! وأبت.

وعن عطاء بن أبي رباح قال: طافت امرأة مع عائشة رضي الله عنها سماها فلما جاءت الركن قالت المرأة: يا أم المؤمنين، ألا تستلمين!، قالت عائشة: وما للنساء وما استلام الركن امض عنك.

قال ابن عبد البر: «الاستلام للرجال دون النساء عن عائشة وعطاء وغيرهما وعليه جماعة الفقهاء، فإذا وجدت المرأة الحجر خاليا واليماني استلمت إن شاءت، وكانت عائشة رضي الله عنها تقول للنساء: إذا وجدتن فرجة فاستلمن و إلا فكبرن وامضين».

قال ابن قدامة: «ولا يستحب لها مزاحمة الرجال لاستلام الحجر لكن تشير بيدها إليه كالذي لا يمكنه الوصول إليه».

قلت: وقد غفلت كثير من الصالحات عن هذا الهدي فزاحمن الرجال طلبا للأجر وفي الأثر عن عائشة رضي الله عنها أن مولاة لها قالت: يا أم المؤمنين طفت بالبيت سبعا واستلمت الركن مرتين أو ثلاثا فقالت لها عائشة رضي الله عنها: لا أجرك الله، لا أجرك الله، تدافعين الرجال؟ ! ألا كبرت ومررت؟ !.

- الصالحة.. تتعلم أحكام الحج وتعلم غيرها: وفي الحديث عن أم الفضل بنت الحارث أن ناسا اختلفوا عندها يوم عرفة في صوم النبي  فقال بعضهم: هو صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم فأرسلت إليه بقدح لبن وهو واقف على بعيره فشربه.

فتأمل كيف قطعت هذه الصحابية الجليلة الخلاف في هذه المسألة بأسلوب لطيف حكيم!، فتعلمت وعلمت غيرها.

- الصالحة.. تحج بأولادها ما لم تخش الضرر: لحديث ابن عباس المتقدم وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي ركبا بالروحاء فقال: «من القوم؟» قالوا: المسلمون. فقالوا: من أنت؟ قال: «رسول الله»، فرفعت إليه امرأة صبيا، فقالت: ألهذا حج؟ قال: «نعم ولك أجر».

قال أبو محمد ابن حزم: «ونستحب الحج بالصبي وإن كان صغيرا جدا أو كبيرا وله حج، وهو تطوع، وللذي يحج به أجر، ويجتنب ما يجتنب المحرم، ولا شيء عليه إن واقع من ذلك ما لا يحل له، ويطاف به، ويرمي عنه الجمار إن لم يطق ذلك، ويجزئ الطائف به طوافه ذلك عن نفسه، وكذلك ينبغي أن يدربوا ويعلموا الشرائع من الصلاة والصوم إذا أطاقوا ذلك، ويجنبوا الحرام كله والله تعالى يتفضل بأن يأجرهم ولا يكتب عليهم إثما حتى يبلغوا».

تنبيهات:

1- المرأة كالرجل في سائر الأحكام، إلا ما ورد الدليل على استثنائه.

2- يعجب المرء من حال بعض النسوة في هذه العبادة العظيمة حيث يظهرن الزينة والتجمل أمام الرجال خاصة يوم العيد، ويلبسن الضيق من الثياب والبنطال الذي يصف العورة بدون حياء ولا خجل ولا خوف، فلتحذر المسلمة من هذا العمل القبيح ولتنصح غيرها!.

3- بعض النسوة لا تتورع عن الغيبة والنميمة والقيل والقال في الحج خاصة مع فراغهن في المخيمات وعدم وجود ما يشغل، وهذا خطأ كبير ينبغي أن تتفطن له المسلمة، وأن تنشغل بقراءة القرآن والأدعية والأذكار، وقراءة كتب العلم النافعة، والاستماع للمحاضرات الطيبة.





رد مع اقتباس
قديم 08-03-2020, 12:14 PM   #19


الصورة الرمزية طيبة

 عضويتي » 7
 جيت فيذا » Apr 2020
 آخر حضور » 07-11-2022 (02:34 AM)
آبدآعاتي » 1,629
الاعجابات المتلقاة » 132
الاعجابات المُرسلة » 286
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » طيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of light
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك
قناتك  » قناتك
ناديك  » اشجع
مَزآجِي  »

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

طيبة غير متواجد حالياً

افتراضي



(14) صفة الحج كاملة

قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله: «فإن أحسن ما يؤدي به المسلم مناسك الحج والعمرة أن يؤديها على الوجه الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لينال بذلك محبة الله ومغفرته (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) [آل عمران: 31].

وأكمل صفة في ذلك التمتع لمن لم يسق الهدي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به أصحابه وأكده عليهم وقال: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولأحللت معكم».

* والتمتع: أن يأتي الحاج بالعمرة كاملة في أشهر الحج ويحل منها ثم يحرم بالحج في عامه.

العمرة

1- إذا وصلت إلى الميقات وأردت الإحرام بالعمرة فاغتسل كما تغتسل من الجنابة إن تيسر لك، ثم البس ثياب الإحرام إزارا ورداء (والمرأة تلبس ما شاءت من الثياب غير متبرجة بزينة) ثم قل: «لبيك عمرة، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك».
ومعنى «لبيك» أجبتك إلى ما دعوتني إليه من الحج أو العمرة.

2- فإذا وصلت إلى مكة فطف بالبيت سبعة أشواط طواف العمرة، تبتدئ من الحجر الأسود وتنتهي إليه، ثم صل ركعتين خلف مقام إبراهيم قريبا منه إن تيسر أو بعيدا.

3- فإذا صليت الركعتين فاخرج إلى الصفا واسع بين الصفا والمروة سبع مرات سعي العمرة تبتدئ بالصفا وتختم بالمروة.

4- فإذا أتممت السعي فقصر شعر رأسك.
وبذلك تمت العمرة ففك إحرامك والبس ثيابك.

الحج

1- إذا كان ضحى اليوم الثامن من ذي الحجة فاحرم بالحج من مكانك الذي أنت نازل فيه، فاغتسل إن تيسر لك والبس ثياب الإحرام، ثم قل: لبيك حجا، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.

2- ثم اخرج إلى منى وصل بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصرا بلا جمع.

3- فإذا طلعت الشمس فسر إلى عرفة وصل بها الظهر والعصر جمع تقديم على ركعتين ركعتين، وامكث فيها إلى غروب الشمس، وأكثر من الذكر والدعاء هناك مستقبل القبلة.

4- إذا غربت الشمس فسر من عرفة إلى مزدلفة وصل بها المغرب والعشاء والفجر، ثم امكث فيها للدعاء والذكر إلى قرب طلوع الشمس.

5- وإن كنت ضعيفا لا تستطيع مزاحمة الناس عند الرمي فلا بأس أن تسير إلى منى آخر الليل لترمي الجمرة قبل زحمة الناس.

6- فإذا قرب طلوع الشمس فسر من مزدلفة إلى منى، فإذا وصلت إليها فاعمل ما يلي:
أ- ارم جمرة لعقبة، وهي أقرب الجمرات إلى مكة بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى وكبر مع كل حصاة.
ب- اذبح الهدي وكل منه ووزع على الفقراء، والهدي واجب على المتمتع والقارن.
ج- احلق رأسك أو قصره، والحلق أفضل (المرأة تقصر منه بقدر أنملة).

7- تعمل هذه الثلاثة مبتدئا بالرمي ثم الذبح ثم الحلق إن تيسر، وإن قدمت بعضها على بعض فلا حرج.

8- وبعد أن ترمي وتحلق أو تقصر تحل التحلل الأول؛ فتلبس ثيابك ويحل لك جميع محظورات الإحرام إلا النساء.

9- ثم انزل إلى مكة وطف طواف الإفاضة (طواف الحج) واسع بين الصفا والمروة سعي الحج.

10- وبهذا تحل التحلل الثاني ويحل لك جميع محظورات الإحرام حتى النساء.

11- ثم اخرج بعد الطواف والسعي إلى منى فبت فيها ليلتي أحد عشر وأثني عشر.

12- ثم ارم الجمرات الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني عشر بعد الزوال، تبدئ بالأولى وهي أبعدهن عن مكة، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة، كل واحدة بسبع حصيات متعاقبات، تكبر مع كل حصاة، وتقف بعد الجمرة الأولى والوسطى تدعو الله مستقبل القبلة، ولا يجزئ الرمي قبل الزوال في هذين اليومين.

13- فإذا أتممت الرمي في اليوم الثاني عشر فإن شئت أن تتعجل فاخرج من منى قبل غروب الشمس، وإن شئت أن تتأخر – وهو أفضل – فبت في منى ليلة الثالث عشر وارم الجمرات الثلاث في يومها بعد الزوال كما رميتها في اليوم الثاني عشر.

14- فإذا أردت الرجوع إلى بلدك فطف عند سفرك بالكعبة طواف الوداع سبعة أشواط. والحائض والنفساء ليس عليهما طواف الوداع».






رد مع اقتباس
قديم 08-03-2020, 12:19 PM   #20


الصورة الرمزية طيبة

 عضويتي » 7
 جيت فيذا » Apr 2020
 آخر حضور » 07-11-2022 (02:34 AM)
آبدآعاتي » 1,629
الاعجابات المتلقاة » 132
الاعجابات المُرسلة » 286
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » طيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of lightطيبة is a glorious beacon of light
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك
قناتك  » قناتك
ناديك  » اشجع
مَزآجِي  »

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

طيبة غير متواجد حالياً

افتراضي



(15) الصالحون والصالحات.. وختام حجهم

بعد هذه الجولة الجميلة مع أخبار الصالحين والصالحات وسيرهم في الحج والتي رأينا فيها:
- فقها سليما لحقيقة الحج ومقصده وحكمته وغايته.

- وقوة في العبادة وصدقا في الالتجاء والانطراح بين يدي الرب سبحانه وتعالى.

- وصفا أرواح تستشعر قربها من الله في هذه الشعيرة العظيمة.

- ومن إخاء ومحبة وبذل وعطاء.....

إن هذه الآثار تصور لنا الحاج ذلكم المسلم التقي النقي، الخاشع الذليل، الذي يتحفظ في أقواله فلا يطلق لسانه في قبل وقال وفضول الكلام، ويتحفظ في فعاله، وينشط في عبادته فتراه تارة في صلاة، وتارة يقرأ القرآن، وتارة يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، كريم يبذل ماله وعلمه ووقته في خدمة المسلمين، حريص على لقاء العلماء والصالحين والفضلاء، لا يتوسع في المآكل والملابس والمراكب والمساكن، يستشعر حرمة الزمان والمكان، ويستشعر أنه خرج من بيته وأهله وماله وبلده للحصول على الأجر والصواب... فهذا هو حج الصالحين.

وفي ختام حج الصالحين نلحظ أمورا منها:
- الإكثار من ذكر الله والتوجه إليه بالدعاء وحده لا شريك له، عملا بقوله تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 200، 201]،
هكذا أمر الله بذكره عند انقضاء المناسك، لأن أهل الجاهلية كانوا يقفون في الموسم فيقول الرجل منهم: كان أبي يطعم ويحمل الحمالات ويحمل الديات، ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم، فأنزل الله على رسوله هذه الآية.

قال عطاء بن أبي رباح: ينبغي لكل من نفر أن يقول حين ينفر متوجها إلى أهله: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
قال ابن رجب: «وفي الأمر بالذكر عند انقضاء النسك معنى، وهو أن سائر العبادات تنقضي ويفرغ منها، وذكر الله باق لا ينقضي ولا يفرغ منه، بل هو مستمر للمؤمنين في الدنيا والآخرة».

- ونلحظ أيضا في أخبار الصالحين: المداومة على العمل الصالح بعد الحج، وقد سئل الحسن البصري رحمه الله تعالى: ما الحج المبرور؟ قال: أن تعود زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة.

أخي الحاج: ليكن حجك حاجزا لك عن مواقع الهلكة، ومانعا لك من المزالق المتلفة، وباعثا لك إلى المزيد من الخيرات وفعل الصالحات، واعلم أن المؤمن ليس له منتهى من صالح العمل إلا حلول الأجل، فما أجمل أن تعود بعد الحج إلى أهلك ووطنك بالخلق الأكمل، والسجايا الكريمة، ما أجمل أن تعود حسن المعاملة، كريم المعاشرة، طاهر الفؤاد، إن من يعود بعد الحج بهذه الصفات الجميلة والسمات الجليلة فهو حقا من استفاد من الحج وأسراره ودروسه وآثاره.

اللهم تقبل من الحجاج حجهم وسعيهم، الله اجعل حجهم مبرورا، وسعيهم مشكورا، وذنبهم مغفورا، اللهم اجعل سفرهم سعيدا، وعودهم إلى بلادهم حميدا، اللهم هون عليهم الأسفار، وأمنهم من جميع الأخطار، اللهم احفظهم من بين أيديهم، ومن خلفهم، وعن أيمانهم، وعن شمائلهم، اللهم واجعل دربهم درب السلامة والأمان، والراحة والاطمئنان، اللهم وأعدهم إلى أوطانهم وأهليهم وذويهم ومحبيهم سالمين غانمين برحمتك يا أرحم الراحمين...
وصلى الله على عبده ورسوله خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه.






رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

هكذا حج الصالحون والصالحات (بحث مطول من عدة مشاركات)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

تصميم احساس ديزاين للتصميم

الساعة الآن 06:28 AM


 »:: تطويرالكثيري نت :: إستضافة :: تصميم :: دعم فني ::»

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education