رحيق الفتوى .. مساعدة اهل الروج

مساعدة أهل الزوج.. تطوع وليست تكليفًا

يحدث نزاع مستمر بينى وبين زوجى بسبب ضغطه علىَّ لخدمة والديه، بحكم أنهما كبيران، ولا يقدران على قضاء شئونهما، وزوجى لا يملك وقتا لخدمتهما نظرا لظروف عمله.. فهل على من ذنب إن امتنعت عن خدمتهما؟ وهل لزوجى الحق فى ضغطه علىَّ لخدمتهما؟

فعل الخير عبادة تتعدد طرقها، وتتنوع أبوابها، إذ يقول الحق تعالى: «وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» (الحج)، ورُوى عن أبى ذر الغفارى- رضى الله عنه - أنه قال: «قلت: يا رسول الله، ذهب الأغنياء بالأجر يصلون ويصومون ويحجون، قال: وأنتم تصلون وتصومون وتحجون، قلت: يتصدقون ولا نتصدق؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنت فيك صدقة، رفٌعك العظمَ عن الطريق صدقة، وهدايتك الطريق صدقة، وعونك الضعيف بفضل قوتك صدقة، وبيانك عن الأرتم - الذى لا يبين الكلام - صدقة»، فجعل النبى صلى الله عليه وسلم إعانة الضعيف على أمور حياته من الصدقات التى يُثاب عليها العبد.

بهذه الكلمات يجيب الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن السؤال السابق، قائلا:إعانة الضعيف لا تكون بالمال فقط، وإنما أيضا بقضاء حاجاته، وتدبير أموره، ورضى الله عن سيدنا أبى بكر الصديق، إذ كان يذهب إلى امرأة عجوز فيكنُس لها خيمتها، ويدبر لها شئونها ابتغاء الثواب من الله، فلم تشغله الخلافة وأعباؤها عن القيام بهذا العمل، بل كان يحلب الشياه لمن عجزن من الجوارى عن حلبها.

وعن ابن عمر - رضى الله عنهما - أن رجلا جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله: أى الناس أحب إلى الله؟ وأى الأعمال أحب إلى الله؟ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس»، وعن ابن عباس - رضى الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من مشى فى حاجة أخيه كان خيرا له من اعتكاف عشر سنين». (رواه الطبرانى فى معجمه الأوسط).

فزوجة الابن غير مكلفة شرعا برعاية أهل زوجها، وقضاء شئون بيتهم، إلا إذا تطوعت بفعل ذلك؛ حسبة لله تعالى، وطلبا للثواب، لذلك لا يجوز للزوج أن يرغم زوجته على خدمة أهله، وإنما يبين لها فضل قضاء حاجة الناس، وثواب إعانة الضعيف على شئون حياته، كما سبق بيانه، فإعانة الضعيف من أفضل الأعمال، وأعظم القرب، وهو دليل على سمو الخلق، ونبل الأصل .

وللسائلة الكريمة أقول: تذكرى أن الله، عز وجل، غفر لمن أزاح الأذى عن طريق الناس، وأدخله الجنة بذلك، ففى حديث أبى هريرة - رضى الله عنه - أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «لقد رأيت رجلا يتقلب فى الجنة فى شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذى الناس».(رواه مسلم).

وتذكرى - أيضا - أن الله تعالى غفر لامرأة بغى لأنها سقت كلبا كاد العطش يقتله، فمن باب أولى أن يكتب الله عز وجل بفضله الأجر العظيم لمن كان يرعى ضعيفا، فيدبر له شئونه من ترتيب منزل، وتجهيز طعام، وغسل ملابس، ونحو ذلك.

ولقد كانت السيدة أسماء بنت أبى بكر الصديق - رضى الله عنها - تجمع النوى لفرس زوجها الزبير بن العوام، وهى غير مكلفة بهذا، وإنما تفضل منها، وحب لزوجها.

فاقض حوائج والدى زوجك، واحتسبى أجرك عند الله، مع العلم بأنه ليس واجبا عليك، واعلمى أن من قضى حاجة غيره وأعانه على أموره قضى الله حاجته وأعانه على حياته. و«الجزاء من جنس العمل».
لكم خالص تحياتى وتقديرى
الدكتور علـى