{ ❆اعلانات عشق الليالي ❆ ) ~ | |||||||||
|
|
|||
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
تفسير الربع الأول من سورة الرعد
1- الربع الأول من سورة الرعد
الآية 1: ﴿ المر ﴾: سَبَقَ الكلام عن الحروف المُقطَّعة في أول سورة البقرة ﴿ تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ ﴾ يعني: تلك الآيات - التي نتلوها عليك يا محمد في هذه السورة - هي آيات الكتاب العظيم، ﴿ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ﴾ - أي القرآن والسُنَّة - هو ﴿ الْحَقُّ ﴾ الواضح ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ الآية 2: ﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ ﴾ ﴿ تَرَوْنَهَا ﴾ أي ترون السماء مرفوعةً بقدرتِهِ تعالى مِن غير أعمدة، ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى ﴾ أي عَلا وارتفعَ سبحانهُ ﴿ عَلَى الْعَرْشِ ﴾ استواءً يَليقُ بجلاله وعَظَمته، ﴿ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ﴾ أي ذَلَّلَهما لمنافع العباد، ﴿ كُلٌّ ﴾ مِن الشمس والقمر ﴿ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ﴾: أي يَدورُ في فَلَكِهِ إلى يوم القيامة، ﴿ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ﴾: أي يُدَبِّر سبحانه أمورَ خَلقه، ﴿ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ ﴾: أي يوضّح لكم الآيات الدالة على استحقاقه وحده للعبادة، وعلى قدرته تعالى على بَعْث الخلائق بعد موتها - إذ هو سبحانه الذي ابتدأ خَلْقها من العدم - ﴿ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ﴾: أي لتكونوا على يَقين بلقاء ربكم يوم القيامة للحساب والجزاء، فحينئذٍ تُخْلِصوا عبادتكم له وحده. الآية 3: ﴿ وَهُوَ ﴾ سبحانه ﴿ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ ﴾ أي جَعَلها مُمتدة (فبَسَطَها سبحانه للحياةِ فوقها)، وهَيَّأها لمعاشكم، ﴿ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ ﴾ أي جبالاً تُثبِّتُها ﴿ وَأَنْهَارًا ﴾ لِشُربكم ومَنافعكم، ﴿ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ﴾: أي جعل سبحانه في الأرض - من كل أنواع الثمرات - صِنفين اثنين، فجعل منها الأبيض والأسود والحلو والحامض، وغير ذلك، ﴿ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ ﴾: أي يُدخِلُ سبحانهُ الليلَ على النهار حتى يُذهِبَ نُوره، ويُدخِل النهار على الليل حتى يُذهِب ظلامه، ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ أي يَتفكرونَ بعقولهم، فيَتَّعظوا ويَجتهدوا في فِعل ما يَنفعهم في الدنيا والآخرة. ♦ واعلم أنّ قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ ﴾ لا يُفهَم منه أنّ الأرض مُسَطَّحة، بل إنه يَدُلّ على أنك أينما ذهبتَ فوق الأرض، تراها مَمدودة أمامك، وهذا لا يُمكِن هَندسيّاً إلا إذا كانَ الشكلُ دائريّاً (إمّا كُرة أو بيضة أو دائرة)، إذ إنها لو كانت مُسَطَّحة: لاَختفى هذا المَدّ عند الوصول لحدودها، فسُبحانَ مَن عَلَّمَ محمداً صلى الله عليه وسلم هذه الحقيقة. الآية 4: ﴿ وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ ﴾ يعني: ومِن آياته سبحانه أن جَعَلَ في الأرض قِطَعاً - من الأراضي الزراعية - يَلتصق بعضها ببعض، فمنها ما يُخْرِجُ نباتًا طيبًا يَنفعُ الناس، ومنها ما لا يُخرِجُ النباتَ إلا رَديئاً قليلاً لا نَفْعَ فيه (مع أنها نفس الأرض)، ﴿ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ ﴾: أي وجعل سبحانه - في الأرض الواحدة - بساتينَ من أعناب، وكذلك جعل فيها أنواعاً مختلفة من الخُضروات والحبوب والفاكهة، ﴿ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ ﴾ أي عدة نَخلات مُشترِكة في مَنبت واحد (يعني يَجمعها أصلٌ واحد) ﴿ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ ﴾ أي: وهناك نَخلات غير مُجتمِعة في نفس المَنبت، وإنما كل نخلة قائمة على أصلها. ♦ كُلُّ ذلك في تربة واحدة، و﴿ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ ﴾ ولكنه يَختلف في شكله وحجمه وطعمه، ﴿ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ ﴾ أي: وبَعضها أفضل من بعض في الأكل (فسبحانَ مَن خَلَقَ الثمرات، وخلق لكل ثمرةٍ مَذاقاً وطَعماً) ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ ﴾ كله ﴿ لَآَيَاتٍ ﴾ أي علاماتٍ على قدرته تعالى، وقد جعل سبحانه هذه الآيات ﴿ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ أي يَتفكرون بعقولهم، فيَعلموا أنه سبحانه الخالق الرازق المُستحِق وحده للعبادة، إذ لا يُعقَلُ أبدًا أن يَخلُقَ ويُعبَد غيرُه، وأن يَرزُقَ ويُشكَر غيرُه! الآية 5: ﴿ وَإِنْ تَعْجَبْ ﴾ - أيها الرسول - من عدم إيمان قومك بعد هذه الأدلة: ﴿ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ ﴾ أي فالعَجَب الأشدُّ مِن قول الكفار: ﴿ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾: يعني أَئِذا مِتنا وكنا تراباً، نُبعَثُ أحياءً من جديد؟، ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ﴾ الذي أَوْجَدَهم من العدم ﴿ وَأُولَئِكَ ﴾ تكون ﴿ الْأَغْلَالُ ﴾ - وهي سلاسل من نار - تُوضَعُ ﴿ فِي أَعْنَاقِهِمْ ﴾ يوم القيامة ﴿ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ ♦ ويُحتمَل أن يكون المقصود بالأغلال التي في أعناقهم: أنها مَوانع الهداية في الدنيا، كالتقليد الأعمى، والكِبر والعناد، واتِّباع الهوى، والانقياد وراء الشهوات، وغير ذلك. الآية 6: ﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ ﴾ أي يَستعجلك المشركون بإنزال العذاب - الذي أنذرتَهم به - ليكون دليلاً لهم على نُبُوَّتك، بدلأ مِن أن يَطلبوا إنزال الرحمات والبركات وسعة الرزق والرخاء (وذلك لِجَهلهم وعِنادهم)، لأنّ إنزال الرخاء والبركات - بعد أن تطلبها لهم مِن اللهِ تعالى - سيكونُ دليلاً أيضاً على نُبُوَّتك، وأفضل لهم مِن طلب العذاب والهلاك. ﴿ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ ﴾: أي وقد مَضَتْ عقوبات المُكذبين أمثالهم (كعادٍ وثمود)، ورأوا ديارهم، فكيف لا يَعتبرون بهم؟! ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ ﴾ يعني: إنه سبحانه لَغفورٌ لِمَن تابَ إليه من الناس، فيَفتح لهم باب المغفرة ويَدعوهم إليها ﴿ عَلَى ظُلْمِهِمْ ﴾ أي على الرغم مِن ظُلمهم لأنفسهم بالمعاصي، إذ لو كانَ سبحانه يؤاخذ بالذنب لمجرد وقوعه: ما تَرَكَ على الأرض من دابة، ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ لمَن أصَرَّ على الشِرك والمعاصي ولم يَتُب. الآية 7: ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ﴾ يعني: هَلاَّ جاءته مُعجزة مَحسوسة مِن عند ربه (كَعَصا موسى وناقة صالح)، وليس ذلك بِيَدِك أيها الرسول، فـ ﴿ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ ﴾ أي مُبَلِّغٌ لهم، ومُخَوِّفهم مِن عذاب اللهِ تعالى، ﴿ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ﴾ يعني: ولكل أُمَّةٍ رسولٌ يُرشدهم إلى التوحيد. الآية 8، والآية 9: ﴿ اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى ﴾ في بطنها (ذكرٌ هو أم أنثى؟ أبيض أم أسمر؟ كم سَيَعيش؟ وغير ذلك)، ﴿ وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ ﴾: أي ويَعلم سبحانه ما تُنقِصه الأرحام فيَسقط (أو يُولَد قبل تسعة أشهر)، ﴿ وَمَا تَزْدَادُ ﴾: أي وكذلك يَعلم سبحانه ما يَزيد حَمْله على التسعة أشهر، ﴿ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ ﴾ تعالى مُقَدَّرٌ ﴿ بِمِقْدَارٍ ﴾ مُحَدّد لا يَتجاوزه، وهو سبحانه ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ﴾: أي يَعلمُ ما غابَ عن حَواسِّكم - أيها الناس - ويَعلم ما تشاهدونه، وهو ﴿ الْكَبِيرُ ﴾ في ذاته وأسمائه وصفاته، ﴿ الْمُتَعَالِ ﴾ الذي يَعلو جميعَ خَلْقه بذاته وقَهْره، الذي ليسَ له شَريكٌ ولا شَبِيهٌ ولا زوجة ولا ولد.. الآية 10: ﴿ سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ ﴾: يعني يَتساوَى - في عِلمه تعالى - مَن أخفى القولَ منكم ﴿ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ ﴾ أي وَمَن تَكَلَّمَ به بصوت مُرتفع، ﴿ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ ﴾ يعني: ويتساوَى عنده أيضاً مَن استَتَر (أي تخَفّى) بأعماله في ظُلمة الليل، ومَن جَهَرَ بها في وَضَح النهار. الآية 11: ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ ﴾ أي: للهِ تعالى ملائكةٌ يَتعاقبون ويَتوالون على الإنسان بالليل والنهار ﴿ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ﴾ أي مِن أمامه ﴿ وَمِنْ خَلْفِهِ ﴾ ﴿ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ﴾: أي يَحفظونه بأمْر الله تعالى مِن شر الجن وغير ذلك، (ويُلاحَظ أنّ اللهَ تعالى لم يقل: (يَحفظونه بأمْر الله) وإنما قال: ﴿ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ﴾، لأنّ ذلك الحِفظ هو مِن قَدَر اللهِ تعالى، إذ إنه سبحانه يُقَدِّرُ البلاء ويُقَدِّر أيضاً ما يَمنع البلاء). ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ أي لا يُغيِّرُ سبحانه نعمةً أنعَمَها على قومٍ إلا إذا غَيَّروا ما أمَرَهم به فعَصوه، ﴿ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا ﴾ أي بَلاءً أو عذاباً: ﴿ فَلَا مَرَدَّ لَهُ ﴾: أي فلا مَفرَّ منه ﴿ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾: أي وليس لهم مِن دون اللهِ وَلِيٌّ يَتولى أمورهم، فيَجلب لهم المحبوب، أو يَدفع عنهم المكروه. الآية 12: ﴿ هُوَ ﴾ سبحانه ﴿ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا ﴾ أي تخافون أن تَنزل عليكم الصواعق المُحرِقة من البرق، ﴿ وَطَمَعًا ﴾: أي وتَرجون أن يَنزل معه المطر، ﴿ وَيُنْشِئُ ﴾ سبحانه ﴿ السَّحَابَ الثِّقَالَ ﴾ أي السحاب المُحَمَّل بالماء الكثير لمنافعكم، فيكونُ مَرفوعاً بقدرته تعالى، رغم ما فيه مِن ماءٍ كثير. الآية 13: ﴿ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ ﴾ (والرعد هو الصوت الذي يُسمَع من السحاب ويُزعِج العباد، فهو خاضعٌ لربه، مُسَبِّحٌ بحمده) ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ﴾: أي وتُسَبِّحه الملائكة مِن أجْل خوفها منه سبحانه، ومِن هَيْبته وجلاله، ﴿ وَيُرْسِلُ ﴾ سبحانه ﴿ الصَّوَاعِقَ ﴾ المُهلِكة ﴿ فَيُصِيبُ بِهَا ﴾ أي فيُهلِكُ بها ﴿ مَنْ يَشَاءُ ﴾ من الظالمين والكافرين ﴿ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ ﴾ أي: والكفار يُجادلون في وحدانية اللهِ وقدرته على البعث ﴿ وَهُوَ ﴾ سبحانه ﴿ شَدِيدُ الْمِحَالِ ﴾ أي شديد الحَوْل والقوة، وشديدُ البطش بمن عصاه وجَحَدَ قدرته. ♦ واعلم أنّ عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما كان يقول - إذا سمع صوت الرعد - سبحان الذي يُسبح الرعد بحمده والملائكة مِن خِيفته)، واعلم أنّ (سبحان الله وبحمده) تُعادِلُ في المعنى (سبحان الله والحمد لله). الآية 14: ﴿ لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ ﴾ أي: للهِ تعالى دعوة التوحيد (لا إله إلا الله) التي يَدعو إليها جميع الرسل، فهو الإله الحق الذي يَستجيبُ لمن دَعاه، ﴿ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ﴾ - من الآلهة المزعومة - ﴿ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ ﴾ مِن دعائهم ﴿ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ ﴾ يعني إلا كَحَالِ رجلٍ عطشان، يَمُدّ يَديه إلى الماء ليَشرب منه ﴿ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ ﴾: أي وهو لا يستطيع أن يَصل إلى الماء، ويَظل هكذا حتى يَهلك عطشاً، (فهذا مَثَلُ مَن يَعبد غيرَ اللهِ تعالى بدعاءٍ أو ذبحٍ أو نذرٍ أو غير ذلك، فهو مَحرومٌ من الإجابة، خائبٌ في مَسعاه، عاقبته النار والخُسران)، ﴿ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ ﴾ لآلهتهم ﴿ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ﴾ أي في ضَياع، لأنها لا تَسمع دعائهم، ولا تَعلم شيئاً عن حالهم. الآية 15: ﴿ وَلِلَّهِ ﴾ وحده ﴿ يَسْجُدُ ﴾ جميع ﴿ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ خاضعًا مُنقادًا ﴿ طَوْعًا ﴾ أي طاعةً لأمْره (كالمؤمنين) ﴿ وَكَرْهًا ﴾ أي رغمًا عنهم (كالمنافقين)، وكالكُفار عند الشدائد (حِينَ لا يَنفعهم ذلك)، (واعلم أنّ الكافر - وإن لم يَسجد للهِ تعالى عبادةً - فإنه يَسجد له بخضوعه لأحكامه الجارية عليه - مِن غِنىً وفقر، وصحةٍ ومرض، وسعادةٍ وشقاء - ولا يَقدر أن يَرُدّها)، ﴿ وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ ﴾ أي: وتَنقادُ لعَظَمته ظلال المخلوقات، فتتحرك بإرادته أول النهار وآخره. الآية 16، والآية 17: ﴿ قُلْ ﴾ - أيها الرسول - لهؤلاء المشركين: ﴿ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾؟ ﴿ قُلِ ﴾: ﴿ اللَّهُ ﴾ هو الخالق المُدَبِّر لهما، وأنتم تُقِرُّونَ بذلك، ثم ﴿ قُلْ ﴾ - مُلزِمًا لهم بالحُجَّة -: ﴿ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ﴾ أي مَعبودينَ ﴿ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا ﴾؟! فكيف لها أن تَنفع عابِدِيها أو تَضُرّ مَن لم يَعبدها؟! ♦ ثم ﴿ قُلْ ﴾ لهم: ﴿ هَلْ يَسْتَوِي ﴾ يعني هل يَتساوَى عندكم ﴿ الْأَعْمَى ﴾ وهو الكافر الذي عَمِيَ عن آيات اللهِ تعالى رغم وضوحها - ﴿ وَالْبَصِيرُ ﴾ الذي أبْصَرَ آيات اللهِ فآمَنَ بها، ولم يَتكبر عن الانقياد للحق؟! لا يَستويانِ أبداً، ﴿ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ ﴾ وهي ظُلُمات الجهل - والتقليد الأعمى بغير دليل - والكفر والمعاصي (وما يَنتج عن ذلك من القلق والحيرة واضطراب النفس) - فهل يَتساوى ذلك ﴿ وَالنُّورُ ﴾ أي نور العلم والإيمان والاطمئنان بذِكر الله تعالى وتوحيده؟! ﴿ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ ﴾ سبحانه ﴿ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ ﴾؟! تعالى اللهُ عن ذلك عُلوّاً كبيراً، ﴿ قُلِ ﴾ لهم: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ وأنتم تعترفون بذلك - أيها المشركون - إذاً فهو وحده المُستحِق للعبادة ﴿ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾. ♦ ثم ضَرَبَ سبحانه مَثَلا للحق والباطل بماءٍ أنزَلَهُ من السماء، فقال: ﴿ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ﴾ أي مَطَراً كثيراً، حتى أصبح سَيلاً من الماء، ﴿ فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا ﴾: أي فجَرَى سَيْلُ الماء في أَوْدِية الأرض (بقدْرِ صِغَرها وكِبَرها)، ﴿ فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا ﴾ يعني: فحَمَلَ السَيلُ غُثاءً (أي رَغوةً طافية فوقه) لا نَفْعَ فيها. ♦ وضَرَبَ سبحانه مَثَلاآخر، فقال: ﴿ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ﴾ وهي المعادن التي تُوقَدُ عليها النار لِصَهرها، وذلك ﴿ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ ﴾ أي طلبًا للزينة (كما في الذهب والفضة)، ﴿ أَوْ مَتَاعٍ ﴾: يعني أو طلبًا لمنافع يَنتفعونَ بها (كما في النحاس)، فيَخرج من هذه المعادن: ﴿ زَبَدٌ مِثْلُهُ ﴾: أي خَبَثٌ لا فائدةَ فيه (كالذي كانَ مع الماء)، ﴿ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ﴾: أي بمِثل هذا يَضرب اللهُ الأمثالَ للحق والباطل: ﴿ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ﴾ يعني: فأمّا الباطل فهو كَغُثاء الماء (وهي الرَغوة التي تتلاشى أو تُرْمَى)، ﴿ وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ﴾ يعني: وأمّا الحق فهو كالماء الصافي والمعادن النقية (إذ تَبقى في الأرض للانتفاع بها) ﴿ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ ﴾ للناسِ لِيَتَّضِح الحق من الباطل والهدى من الضلال. الآية 18: ﴿ لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ ﴾ يعني: إنّ للمؤمنين الذين أطاعوا اللهَ ورسوله: ﴿ الْحُسْنَى ﴾ أي لهم الجنة، ﴿ وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ ﴾ وكفروا برسوله: أولئك لهم النار، و ﴿ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ ﴾: يعني لو أنهم كانوا يَملكون كل ما في الأرض وضِعْفه معه: ﴿ لَافْتَدَوْا بِهِ ﴾: أي لَجَعَلوه فِداءً لأنفسهم من عذاب اللهِ يوم القيامة (ولن يُقبَلَ منهم)، ﴿ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ ﴾ أي يُحاسبهم اللهُ على كل ما قدّموُه مِن عَمَلٍ سيِّئ، فلا يَغفِرُ لهم منه شيئاً، ﴿ وَمَأْوَاهُمْ ﴾ أي ومَصيرهم ﴿ جَهَنَّمُ ﴾ لتكونَ فِراشاً لهم ﴿ وَبِئْسَ الْمِهَاد ﴾: أي وهي بِئسَ الفِراش والمُستقرُّ. [1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي" ، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير. • واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن. رامي حنفي محمود
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
03-31-2021, 10:06 AM | #2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
مُزْنٌ يَهْطُل وشَلآلٌ يَتَدَفَقْ
بَطِرُوحَآتِكْ الْرَآئِعَةْ الْجَمِيلَةَ بِإخْتِيَآرْ يَفُوقْ الْوَصْفْ والْتَعْبِيِرْ فَإلَى الأَمَآمْ بِإنْتِظآرِ جَدِيِدِكْ بِشَوقْ وفَقِكْ الْلَه تَعَآلَى
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|