في بحار الحياة هناك سفن لم تجد مرافئها
و لا تزال في دوامة التيه ،
و مِن هذه السفن :
سفينة المتهاونون في صلواتهم :
ركاب هذه السفينة هم أضنك الناس ،
نفوسهم ضائقة و ساعاتهم ضائعة
لو أعيطتهم مال قارون و كنوز كل هذا الكون لن تتغير أحوالهم ،
و كما قال العلي العظيم :
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ ) .
.
سفينة المتكبرون :
من يصعد هذه السفينة لا تتوقع أن تراه يبتسم كثيرًا ،
لأنه يعتقد أن بابتسامته جرح لكبريائه ، و لتواضعهِ انحطاط لقدره ،
لا تجده يحادث أحدًا يعيش في عزلته منطويًا و يظن أنه الله ميّزَه عن غيره
و أنه في مستوى مختلف تمامًا عن باقي البشر ، و هو على الأغلب
لا يملك أي شيءٍ إلّا غروره المسكين .
سفينة المـُحبِطون :
مجموعة من البشر تبحث عن حجج لتغطية فشلها ،
انهزاميةً إلى أبعد مما تتصور ،
لا تطيق أن ترى ناجحًا ، لذلك شغلت لنفسها وظيفة اثباط الآخرين
و ثنيهم عن أحلامهم ،
يخترعون قصصًا وهميةً و عقبات من مخيلة رؤوسهم ليبثوا
اليأس في نفوس غيرهم
و لو التفتوا الى حالهم لأقاموا اعوجاجهم .
سفينة الحاسدون
إن صادفت أحدهم : توجب عليك قراءة المعوذات و الكُرسي ، هؤلاء
لديهم من الخير ما يكفي ليعيشوا دون قلق ،
لكنهم لا ينظرون إلى ما بين أيديهم عيونهم
تجدها دائمًا في ما يمتلكه الاخرين ، لا يذكرون الله مع ذكرهم
ما لديك يحللون
حياتك من الألف الى الياء ، لذلك لا تتحدث
معهم في ما وهبك الله اياه إطلاقًا .
سفينة الجاحدون
ناكروا جميل رُكاب هذه السفينة ، مهما فعلت من أجلهم
هُم لا يُقدِرونَ لك ذلك ، على العكس يكونون ،
و يتحدثون دائمًا عن تقصيرك
و هم المقصرون لا يمكنهم العيش مرتاحي البال
لأن نظرتهم للناس على أنها لا تستحقهم
و أنهم نادرون و لو لبسوا نظاراتهم جيدًا
لـَـ رأوا زِيف ادعاءاتهم .
سفينة المشتاقون
اشتياقهم لم يترك لهم فرصة التقاط الأنفاس ،
يقابلهم العديد من الناس
و لكنهم لا يتذكرون إلّا المفقودين
لا يتحدثون إلّا عن المفقودين ،
لا ينفردون مع أنفسهم إلّا لإحياء ذكرى المفقودين ،
يفتقدونهم بشدة
و يعانقون صورهم بدموع ، يغلقون منافذ
الفرحة و يمنعون
أنفسهم عن رؤية المستقبل ،
متعلقون بالماضي وليتهم يعلمون
أنهم في زمن الحاضر
و الماضي من قال لهم الوداع