عرض مشاركة واحدة
قديم 08-03-2020, 09:13 AM   #4


الصورة الرمزية طيبة

 
 عضويتي » 7
 جيت فيذا » Apr 2020
 آخر حضور » 07-11-2022 (02:34 AM)
آبدآعاتي » 229
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 التقييم » طيبة is on a distinguished road
 

طيبة غير متواجد حالياً

افتراضي تابع : (1)أعظم ما يلمس من هذه الآثار الواردة عن الصالحين في الحج



قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في «شرحه لحديث جابر بن عبد الله في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم» – وهو شرح نفيس جدير بالقراءة – قال:
«لا يشرع صعود الجبل – جبل عرفة – ولا الصلاة فيه، ولا الصلاة عنده، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك، والأصل في العبادات التوقيف حتى يقوم دليل على مشروعيتها، وبه نعرف ضلال كثير من الناس الذين يقصدون الجبل ويصعدون عليه ويصلون، وربما يضعون الحجارة بعضها على بعض لتكون علما، وربما يعلقون الخرق، ويكتبون الأوراق لإثبات أنهما بلغوا هذا المكان، وكل هذا من البدع».

ومما نلمس في هذه الآثار أيضا:
ب- تعظيم السلف لحرمات الله:
عن مجاهد أن عبد الله بن عمرو كان له فسطاطان أحدهما في الحرم والآخر في الحل؛ فإذا أراد أن يصلي صلى في الذي في الحرم، وإذا كانت له الحاجة إلى أهله جاء إلى الذي في الحل فقيل له في ذلك فقال: إن مكة مكة.

- وعن طلق بن حبيب قال: قال عمر: يا أهل مكة اتقوا الله في حرم الله! أتدرون من كان ساكن هذا البيت؟ كان به بنو فلان فأحلوا حرمته فهلكوا، وكان به بنو فلان فأحلوا حرمته فهلكوا، حتى ذكر ما شاء الله من قبائل العرب أن يذكر ثم قال: لأن أعمل عشر خطايا بغيره أحب إلي من أن أعمل واحدة بمكة.

- وقال سفيان بن عيينة: حج علي بن الحسين رضي الله عنهما فلما أحرم واستوت به راحلته اصفر لونه وانتفض ووقعت عليه الرعدة ولم يستطع أن يلبي، فقيل له: لم لا تلبي؟ فقال: أخشى أن يقال لي: لا لبيك ولا سعديك. فلما لبى غشي عليه ووقع عن راحلته، فلم يزل يعتريه ذلك حتى قضى حجه.

- وقال مالك بن أنس: ولقد أحرم علي بن الحسين فلما أراد أن يقول: لبيك، قالها فأغمي عليه حتى سقط من ناقته فهشم، ولقد بلغني أنه كان يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة إلى أن مات، وكان يسمى بالمدينة «زين العابدين» لعبادته.

وهذا التعظيم امتثال لأمر الله عز وجل في قوله في سياق آيات الحج: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ)
[الحج: 30]،
وقوله (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)
[الحج: 32].

فتعظيم حرمات الله «من الأمور المحبوبة لله، المقربة إليه التي من عظمها وأجلها أثابه الله ثوابا جزيلا، وكانت خيرا له في دينه ودنياه وأخراه عند ربه، و حرمات الله: كل ماله حرمة وأمر باحترامه من عبادة أو غيرها كالمناسك كلها وكالحرم والإحرام وكالهدايا وكالعبادات التي أمر الله العباد بالقيام بها، فتعظيمها يكون إجلالها بالقلب، ومحبتها، وتكميل العبودية فيها غير متهاون ولا متكاسل ولا متثاقل».

فهل عظم حرمات الله من واقعها؟ !
وفي الحج أيضًا!! كم نرى في الحج من أخلاق وأفعال لو صدرت من غير الحاج لاستنكرت فكيف بالحاج؟ !...

إنه يجب على الحاج أن يراعي حرمة الزمان والمكان فيجتنب ما حرم الله عليه من المحرمات العامة من الفسوق بجميع أنواعه من كذب وغش وخيانة وغيبة ونميمة واستهزاء، ويجتنب الاستماع إلى المعازف والأغاني المحرمة، وشرب الدخان والتصوير وحلق اللحى وغير ذلك مما ينافي تعظين حرمات الله عز وجل ويلهي الحاج عن إكمال هذه الشعيرة العظيمة.

وليعلم الحاج أن المعصية منه أعظم إثما من المعصية من غيره، ويخشى ألا يرجع من ذنوبه كما ولدته أمه كما صرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه»..
وهل هناك أعظم من هذه الخسارة؟ !!
نسأل الله السلامة والعافية.
وقال تعالى:
(وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)
[الحج: 25].

قال الإمام الحافظ أبو جعفر الطبري في تفسيره:
«وأولى الأقوال التي ذكرناه في تأويل ذلك بالصواب القول الذي ذكرناه عن ابن مسعود وابن عباس، من أنه معني بالظلم في هذا الموضع: كل معصية لله، وذلك أن الله عمّ بقوله: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ) ولم يخصص به ظلما دون ظلم في خبر ولا عقل، فهو على عمومه. فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: ومن يرد في المسجد الحرام بأن يميل بظلم، فيعصى الله فيه، نذقه يوم القيامة من عذاب موجع له».

قال الإمام الشنقيطي:
«والإلحاد في اللغة أصله الميل، والمراد بالإلحاد في الآية: أن يميل ويحيد عن دين الله الذي شرعه، ويعم ذلك كل ميل وحيدة عن الدين، ويدخل في ذلك دخولا أوليا الكفر بالله، والشرك به في الحرم، وفعل شيء مما حرمه، وترك شيء مما أوجبه ومن أعظم ذلك انتهاك حرمات الحرم،
وقال بعض أهل العلم: يدخل في ذلك قول الرجل لا والله، وبلى والله... قال مقيده – عفا الله عنه وغفر له -: الذي يظهر في هذه المسألة أن كل مخالفة بترك واجب أو فعل محرم تدخل في الظلم المذكور، وأما الجائزات كعتاب الرجل امرأته أو عبده فليس من الإلحاد ولا من الظلم.

مسألة: قال بعض أهل العلم:
من هم أن يعمل سيئة في مكة أذاقه الله العذاب الأليم بسبب همّه بذلك، وإن لم يفعلها، بخلاف غير الحرم المكي من البقاع فلا يعاقب فيه الهم،

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: لو أن رجلا أراد بإلحاد فيه بظلم وهو بعدن أبين لأذاقه الله من العذاب الأليم، وهذا ثابت عن ابن مسعود ووقفه عليه أصح من رفعه، والذين قالوا هذا القول استدلوا به بظاهر قوله تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) لأنه تعالى رتب إذاقة العذاب الأليم على إرادة الإلحاد بالظلم فيه ترتيب الجزاء على شرطه،
ويؤيد هذا قول بعض أهل العلم: إن الباء في قوله بإلحاد لأجل أن الإرادة مضمنة معنى الهمّ أي: ومن يهمم فيه بإلحاد، وعلى هذا الذي قاله ابن مسعود وغيره».






رد مع اقتباس