تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تأمُّلات فى الذكرى المباركة للاسراء والمعراج


الدكتور على حسن
02-23-2023, 02:46 AM
تهبُّ علينا ذكرى الإسراء والمعراج، فتأخذ بقلوبنا إلى ما قبل ألفٍ وأربعمائة عامٍ هجريٍّ، ونحن نتأمَّل هذا النَّبيَّ الكريم صلَّى الله عليه وسلَّم وهو يبحث عن قلوبٍ حانيةٍ تقبل نور الوحى فتنتفع به فى نفسها، وتبلِّغه فتنفع به غيرها.


أتأمَّله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو يتنقَّل بين القبائل يدعوهم إلى الله ليلًا ونهارًا، وإعلانًا وإسرّارًا، لم تمنعه شمسٌ محرقةٌ تكاد تصهرُ الصُّخورَ والحجارةَ، ولا رمالٌ ملتهبةٌ تأكل الأقدام والنِّعال.
وبعد لقاءاتٍ متكرِّرةٍ مع قبائل العرب قريبِها وبعيدِها ينطلقُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى الطَّائف، يحدوه الأمل، ويدفعه الرَّجاء، خرج إليهم ليدلَّهم على خيرَى الدُّنيا والآخرة، ولكنَّ أهلها عاملوه بما لم يكن يخطر ببالٍ، فلقد قام له كبراؤهم يغرون به سفهاءهم وصبيانهم، فأخذوا يرمونه صلَّى الله عليه وسلَّم بالحجارة حتَّى سال دمه الطَّاهر الطَّيِّب، وهو المؤيَّد بوحى السَّماء.
ولا أعرف حقيقةً ما الَّذى كان يدور فى قلب النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسَّلم- من مشاعرَ وأحاسيسَ؟ وأتصوَّر أن لو كان فى هذا الموقف أيُّ إنسانٍ، فغضب لنفسه، وأقبل على ربِّه فدعا بدعاء نوح عليه السلام فقال: «ربِّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديَّارًا».
ولكنَّ نبيَّنا -صلَّى الله عليه وسلَّم- ليس كأيِّ إنسانٍ، فعلى ما لاقاه من إرهاقٍ بدنيٍّ ومشقَّةٍ نفسيَّةٍ هنالك فى أحد البساتين يرفع أكفَّ الضَّراعة إلى ربِّه الرَّحيم ملتمسًا منه النُّصرة، فيُروى أنه دعا ربَّه قائلًا: «اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِى، وَقِلَّةَ حِيلَتِى، وَهَوَانِى عَلَى النَّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، أنتَ ربُّ المستضعفين، وأنتَ ربِّى، إِلَى مَنْ تَكِلُنِي؟! إِلَى بعيدٍ يَتَجَهَّمُنِي! أَمْ إِلَى قَرِيبٍ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي! إِنْ لَمْ يَكُنْ بك غَضْبٌ عَلَيَّ فَلاَ أُبَالِى، ولكِنَّ عَافِيَتَكَ أَوْسَعُ لِى، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِى أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ، وَصَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، أعوذ بك أَنْ ينْزِلَ بِى غَضَبُكَ، أَوْ يحِلَّ عَلَيَّ سَخَطُكَ، لَكَ العُتْبَى حَتَّى تَرْضَى، ولَا حولَ ولا قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ». إنَّه -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم يشغله أمر نفسه، ولم يحزن على عدم قدرته على ردِّ الإساءة، إنَّ ما يشغله هو علاقته بربِّه، ثمَّ هو يستعين به على البلاغ.. يا لها من نفسٍ زكيَّةٍ. ولمسلمٍ أن يتأمَّل كيف يكون شعور صاحب أطهر رسالةٍ حين ينظر حوله إلى أسباب العون فإذا هو يفقدها واحدًا بعد واحدٍ، ولكنَّ ثقته فى ربِّه تفوق كلَّ الأسباب، وتغلب كلَّ الأدوات. ها هو يلجأ إلى ربِّ الأرض والسَّماء، ولكنَّه لجوء الرَّحيم إلى الرَّحيم.. فهذا النَّبيَّ الكريم يتعرَّض له النَّاس بالتَّكذيب والإيذاء فلم يعالج قسوتهم بقسوة، ولا شدَّتهم بشدَّة، ولم يقابل عنادهم بعقاب، ولا أذاهم بالدُّعاء عليهم أو الانتقام منهم، ولو شاء لأمضى الله أمره فيهم، روى البخاريُّ أنَّ جِبْرِيلَ -عليه السَّلامُ- لمَّا رأى أهلَ الطَّائف فعلوا ما فعلوا قَالَ للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَى مَلَكُ الجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ، ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ، لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» وهل بعد هذه الحفاوة حفاوة أو تكريم؟ إن الله عزَّ وجلَّ يخيِّره، ولو شاء النَّبيُّ الكريم لكان الأمر إليه، ولكنَّه أرسله الله رحمة للعالمين، وهذا فى ذاته نصرٌ وعزٌّ وتمكينٌ، ثمَّ يجيء التَّكريم الإلهيُّ، فها هو جبريل عليه السَّلام- يأخذه فى رحلةٍ الإسراء والمعراج المباركة، وكأنَّ الله -سبحانه وتعالى- قد أراد أن يقول لحبيبه المصطفى: يا محمَّد.. إنَّ الله يدعوك اليوم ليعوِّضك بجفاء أهل الأرض حفاوة أهل السَّماء. إنَّ هذا المشهد حين يمرُّ بذاكرة العقلاء لا بدَّ أن يتعلَّموا منه أنَّ الثِّقة فى الله هى مفتاح الخير، وأنَّ المنح كامنةٌ فى أرحام المحن، وأنَّ بعد الظَّلام فجرًا منيرًا، وأنَّ البلاء كما يحتاج إلى الصَّبر فإنَّه يحتاج إلى الشُّكر على ما فى باطنه من نعمةٍ خفيَّةٍ، وأنَّ النَّصر الحقيقيَّ بالله، وليس بسواه.. اجعلْ بربِّك كلَّ عزِّك يستقرُّ ويثبتُ... فإنْ اعتززتَ بمن يموت فإنَّ عزَّك ميتُ.
لكم خالص تحياتى وتقديرى
الدكتور علـى

البدر
02-23-2023, 05:13 PM
الدكتور علي حسن
جزاك الله خير على طرحك القيم
بارك الله فيك وكثر من امثالك
لاخلا ولا عدم

خفوق الروح
02-24-2023, 10:12 AM





طرٍح رٍآئع كَ ع ـآدتك ...
يتمـآيل آليـآسمين شذى بجمـآل متصفحك ..
ؤتترٍآقص آلـ ؤرٍؤد متعطرة برٍؤعة مَ طرحته أنـآملك
لرٍؤحك أطيب آلـ ؤرٍد ؤأكـآليل آلـ زهرٍ

معطرٍة برٍقةرٍؤحك

https://upload.3dlat.com/uploads/13612773802.gif





أصاايل
02-24-2023, 07:34 PM
طرح راائع
الله يجزااك كل خير
جعله في ميزان حسنااتك بارب

عشق الليالي
02-24-2023, 09:44 PM
rhttps://upload.3dlat.com/uploads/3dlat.net_17_17_967b_1cd9f1f948f715.gif] http://www.3odny.com/vb/images/smilies/216.gifhttp://www.3odny.com/vb/images/smilies/216.gif
سلمت كفوفك
لطيب الجهد وَ تمُيز العطاء
لاحرمنا الله روائِع مجهوداتك
لقلبك الفرح و السرور الدائم
عشق الليالي

https://upload.3dlat.com/uploads/3dlat.net_17_17_967b_1cd9f1f948f715.gif

بْحھَہّ عِشّق
02-24-2023, 10:50 PM
سلمت على هكذا إنفراد وَ تميُز
دام حضورك وَ عطائِك اللا محدود ..!

روح انثى
02-25-2023, 02:33 PM
جزاك الله خيراً على انتقائك القيم
وجعلها ربي في ميزان حسناتك
وفي انتظار المزيد



http://investigate-islam.com/fwasel/29.gif

مهره
03-01-2023, 11:22 AM
جزاك الله خير
ورزقك الجنان