المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عَبرة في الحج


نزف القلم
07-27-2020, 09:49 AM
تهفو قلوب أهل الإيمان، وتشتاق نفوس عباد الرحمن؛ إلى حج بيت الله الحرام، ومزاحمة الأنام للوقوف بين يدي الملك العلَّام، حيث تُغفر الذنوب وتُمحى الآثام.
وكيف لا تفعل ذلك والبيت بيت الله الرحمن، والقدوم فيه على الرحيم المنان
إليك وإلا لا تشد الركائب ومنك وإلا فالمؤمل خائب
وفيك وإلا فالغرام مضيـع وعنك وإلا فالمحدث كاذب
كيف لا والنداء إلى الحج كان بأمر الله: وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (سورة الحج:27)، نداء من الله وهو الغني الحميد: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (سورة فاطر:15)، فيا لله أي قلب هذا الذي يستطيع الإجابة ولا يجيب؟
في الحج ترحل القلوب قبل القوالب، والأفئدة قبل الأجساد، ترحل إلى عرفات والبيت العتيق، حيث تعتق الرقاب، وتجاب الدعوات، وتتطهر النفوس، وتصلح الأحوال، ترحل إلى المشعر الحرام حيث يُعَظَّم الرب العظيم، وإلى منى حيث التكبير والتهليل، حيث العبادة والنسك، حيث الليالي النيرات، والأيام المباركات، ترحل عن كل الخطيئات، وتبتعد عن زينة هذه الحياة لتعيش في كنف رب الأرض والسماوات
يا سائرين إلى البيت العتيق لقد سرتم جسوماً وسرنا نحن أرواحا
إنا أقمنا على عذر وقد رحلوا ومن أقام على عذر كمن راحا
وفي الحج عبر أيما عبر، سالت عندها دمعات الصادقين، وجثت في ركابها أنات التائبين، وحلَّقت في سمائها نداءات السائلين:
- إنها تلك العبرة التي يلقاها الحاج وقد عزم على مفارقة الأهل والأحباب، وترك ما تهواه نفسه من عيش رغيد، عزم على الفراق ولا يدري أيعود أم لا يعود، أيرجع إلى محبيه أم يكتفي بالنظرات الأخيرة التي يتبادلها المحبون فيتذكر بها تلك الساعة الأولى في الرحلة الأخرى إلى الدار الآخرة، والتي لن يعود بعدها إلى دنياه فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (سورة الواقعة:83-87).
- وعبرة أخرى حين يستشعر الحاج وهو يخلع ملابسه بيده ليرتدي ذلك الإحرام الأبيض فيتذكِّر رفيقه في قبره (الكفن) يوم تُخلع عنه ملابسه ليغسَّل، ويكفَّن، ويحنَّط.
- عبرة للنفس حين تجثو وهي تدخل بيت الله الحرام الذي جعله الله للناس قياماً، فتلمس تلك الهيبة العظيمة، وذلك المقام الكريم لتنادي كما نادى الخليل: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (سورة البقرة:127).
عبرة وعظة عند ذلك الموقف العظيم 'موقف عرفة' الذي لا حج إلا به، حين يقف فيه الحجيج كلهم: غنيهم وفقيرهم، ذكرهم وأنثاهم، صغيرهم وكبيرهم، طائعهم وعاصيهم، السابق بالخيرات والمسرف على نفسه بالسيئات، كلهم واقف يرجو رحمة ربه، ويخشى عذابه، كلهم يهتف: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ويتعرضون لنفحات الله، وعتقه، ويرجون أن يرجعوا كيوم ولدتهم أمهاتهم .
عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ )) رواه مسلم (2402).
إليك وجَّهت يا مولاي آمـــالي فاسمع دعائي وارحم ضعف أحوالي
أرجوك مولاي لا نفسي ولا ولـدي ولا صديقــي ولا أهلي ولا مالي
فلا تكلني إلى من ليس يكلـــؤني وكن كفيـلي فأنت الكافل الكالي
أنا الفقير إلى مولاي يرحمــــني إذا تــقـرع بهول الموت إمهالي
أنا الفقير إلى مولاي يرحمــــني في بطن لحــد وحيش مظلمٍ خالي
هناك لحمي لدود القبر فاكهـــةٌ والعظــم منّي رميم في الثرى بالي
أنا الفقير إلى مولاي يرحمــــني يـــوم القيامة من عنفٍ وأهوالي
أنا الفقير إلى مولاي يحشــــرني في زمــرة المصطفى المختار والآلي
- عبرة تحمل الحجيج وهم في سيرهم إلى المشعر الحرام، وفي تلك الشعاب؛ ليتذكروا يوم تحشر الخلائق إلى باريها: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ (سورة آل عمران:30).
- وأخرى في التأمل في ذلك الجمع الذي يلهج بالتهليل والتكبير، يملأ منى أرضاً وسماءً، تكبيراً لله المتعال الكبير.
- عبرات في كل لحظة يعيشها الحاج، يرق فيها قلبه، ويأنس فيها بذكر ربه، وهي إنما يعيشها مَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (سورة ق:37).
والحمد لله رب العالمين.
مماتصفحت

بنت حرب
07-27-2020, 09:51 AM
جزاك الله خيراً وعم بنفعه الجميع
وجعله بميزان حسناتك

أميرة الشموخ
07-27-2020, 10:42 AM
http://lyal-alomr.com/vb/images/smilies/861.pngطرح قيـم بارك الله فيك
جـــزاك الله خيــرالجـزاء http://lyal-alomr.com/vb/images/smilies/861.png

عذب الآطبآع
07-27-2020, 09:05 PM
جزاك الله كل خير
وجعله بميزان حسناتك
أشكرك

خفوق الروح
07-28-2020, 12:59 AM
يعـطيك العــآفية
‎ولآ عـدمنآ تميز انآملك الذهبية
‎دمت ودآم بحـر عطآئك بمآ يطرح متميزآ
‎بنتظآر القآدم بشووق
‎فلآ تحــرمنآ من جديد تميزك
‎لروحــك بآقآت من الجوري

سلمان
07-28-2020, 08:18 PM
جزاك الله خيـر
وبارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك
ونفعنا الله وإياك بما تقدمه

روح انثى
07-29-2020, 11:47 AM
جزاك الله خيراً على انتقائك القيم
وجعلها ربي في ميزان حسناتك
وفي انتظار المزيد
https://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/redroseplz.png

البدر
07-30-2020, 11:07 AM
نزف القلم
جزاك الله خير على طرحك القيم
بارك الله فيك وكثر من امثالك
لاخلا ولا عدم

https://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/200%20%2853%29.gifhttps://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/200%20%2853%29.gifhttps://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/200%20%2853%29.gif

Virus
08-05-2020, 10:37 PM
طرح رائع ومفيد
تسلم الايادى المميزه
على كل ما تقدمه لنا
جزاك الله عنا كل خير
وأثابك حسن الدارين
ومتعك برؤية وجهه الكريم
شكرا جميلا لقلبك
ورضا ورضوان من الله تعالى
يعطيك /ـكِ ربى الف عافيه
مجهود اكثر من رائع ومتميز
تقبل /ـلى تحياتى واعجابى لشخصك الكريم
مر من هناVirus

ادريس
08-13-2020, 12:33 PM
جَزآگ اللهُ خَيرَ آلجَزآءْ
جَعَلَ يومَگ نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً..
جَعَلَهُا آلله في مُوآزيَنَ آعمآلَگ
دَآمَ لَنآعَطآئُگ.

http://wahjj.com/vb/imgcache/12976.imgcache.gif

أمير المحبه
06-26-2022, 01:22 AM
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري